«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تتوالى إصدارات الثقة في الاقتصاد الوطني من فترة لأخرى. فبعد نجاح الإصدار العالمي للصكوك يحقق الإصدار المحلي نجاحًا لافتًا للنظر؛ وهو من المؤشرات لقوة الاقتصاد الوطني على المستويَيْن المحلي والعالمي.
فقد نجحت المملكة في برنامج الإصدار العالمي للصكوك، إذ طرحت إصدارًا دولاريًّا من الصكوك بقيمة 9 مليارات دولار، وتجاوز الطلب العالمي على هذه الصكوك المقومة بالدولار الأمريكي 25 مليار دولار، أي تجاوزت القيمة المكتتب فيها نحو 270 % من القيمة المطلوبة، وقد كان هذا الإصدار الأضخم في تاريخ سوق الصكوك.
ورغم قوة هذا الإصدار ودلالاته إلا أن بعض المراقبين كان يحلو له أن يعتبر نجاحه مرتبطًا بتوافر السيولة بالسوق العالمية، وأنه برهن بكل قوة على مدى الثقة العالمية في الاقتصاد الوطني.. غير أنه لم يعطِ دلالات على الثقة في السيولة المحلية أو في رغبتها في الاستثمار بالسوق المحلية.
من هنا يأتي الإصدار المحلي ليثبت من جديد مدى ثقة السوق المحلية بأفرادها وشركاتها في واقع الاقتصاد الوطني الجديد في ضوء رؤية 2030، بل إنه أثبت بما لا يدع مجالاً للشك توافر السيولة بالسوق المحلية الزائدة والكافية لضخ 51 مليار ريال في صكوك بالريال السعودي، رغم أن حجم الإصدار قد تم تحديده بمبلغ إجمالي 17 مليار ريال، وبنسبة تغطية بلغت 300 %.وهنا يثور التساؤل: أي اقتصاد يستطيع الاكتتاب في مثل هذه المبالغ الضخمة دونما التأثير على عرض النقود أو دون هزة داخلية نتيجة فقدان جزء كهذا من السيولة؟
وتزداد أهمية دلالات هذا الإصدار عندما نتفحص شرائحه؛ فليست جميعها تستحق في خمس سنوات؛ فالشريحة الأولى التي تبلغ 12 مليار ريال تستحق عام 2022، والثانية التي تبلغ 2.9 مليار ريال تستحق في 2024، أما الشريحة الثالثة التي تبلغ 2.1 مليار ريال فتستحق في 2027. أي أن هناك شريحة بقيمة 2.1 مليار ريال تستحق بعد 10 سنوات، وشريحة 2.9 مليار ريال تستحق بعد 7 سنوات. وهذه الشرائح بعيدة المدى تؤكد أن الثقة في الاقتصاد السعودي ممتدة وبعيدة المدى، وتوجد نظرة مستقبلية إيجابية من المستثمرين الأجانب، أثبتتها صكوك الدولار، ونظرة مستقبلية إيجابية، وأثبتتها صكوك الريال.
هذه الإصدارات تمثل نجاحًا لمكتب إدارة الدين العام ضمن مكونات رؤية المملكة 2030، ودوره المهم في تأمين الاحتياجات التمويلية للخزانة العامة للدولة بأفضل الطرق والأدوات الممكنة، وبأقل التكاليف المتاحة، وبشكل يتماشى مع أهداف برنامج التوازن المالي، وبما يدعم أسواق المال في المملكة.
وترى وحدة أبحاث «الجزيرة» أن المملكة بهذا الإصدار الأخير باتت تمتلك أقوى سوق مالية بالمنطقة، يمكن الاعتماد عليها في تلبية احتياجات السيولة وتمويل متطلبات التنمية بالسوق المحلية.