جاسر عبدالعزيز الجاسر
أصبح وجود اسم قطر يثير الريبة والقلق لدى العديد من الأوساط في مختلف الأنشطة الإنسانية والاجتماعية والعلمية، وحتى الرياضية، وبدأت تلك الأوساط تبتعد عن التعامل مع دولة قطر والمؤسسات التابعة لها، بل وحتى الأشخاص القطريون الذين ينفذون أجندات ومخططات الدولة لكسب نفوذ في الدول والأماكن المستهدفة بواسطة المال، سواء بتملك مؤسسات بعينها أو شركات صناعية، وحتى المراكز العلمية والبحثية والجامعات والأندية الرياضية، وتمويل ودعم الجمعيات التي تعمل لنشر الأعمال الخيرية والأعمال غير الهادفة للربح.
وقد اكتشف العاملون في تلك المؤسسات وبمختلف الأنشطة أن دولة قطر تسعى لتقوية نفوذها وحضورها في الدول التي تتواجد فيها تلك الأنشطة التي تديرها مؤسسات تعمل دولة قطر على شرائها، أو الإسهام في تمويلها لجعلها تسير في ركاب ما تريده من أعمال تخدم في النهاية المسار الذي تريده دولة قطر، ولهذا فقد أصبح من يديرون تلك المؤسسات والأنشطة حريصين على البعد عن أي إسهام قطري حتى وإن كان عبر غطاء الأنشطة الخيرية والاجتماعية والثقافية وأخيراً الرياضية.
فبعد تزايد الشكوك حول ملابسات اختيار دولة قطر لتنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022، وتزايد الشكوك حول تقديم رشاوى لعدد من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد الدولي لكرة القدم، والذين أظهرت التحقيقات التي أجرتها المؤسسات القضائية في أمريكا وسويسرا وألمانيا وبريطانيا استعدادهم لتلقي الرشاوى، وأنهم غارقون في وحل الفساد مما جعلهم يغادرون «الفيفا» بعد تأكد فسادهم، وأولهم كان القطري محمد بن همام.
بعد تزايد تلك الفضائح وتضخم ملف الشكوك حول أحقية قطر في تنظيم مونديال 2022، تورطت قطر في قضية أخرى تؤكد أن أسلوب القطريين في توسيع نفوذهم وتقوية حضورهم يتم عبر صرف الأموال وبطريقة تعامل الأطفال مع ما تمتلكه يدهم من نقود، وهو ما نبه عنه الحكماء من عدم تمكين السفهاء من الثروة.
السفاهة الجديدة أثارت الغضب والاشمئزاز لدى جميع الأوساط الرياضية، وهي خرق قطر لقواعد اللعب المالي النظيف بعد تقديم نادي سان جرمان الفرنسي مبلغ220 مليون يورو قيمة المبلغ الجزائي لنادي برشلونة الأسباني حتى يسمح للاعب البرازيلي نيمار، وهذا المبلغ الذي يعده كل من له علاقة بلعبة كرة القدم، مبلغاً خرافياً، والذي يسيل له لعاب كل لاعب، جعل اللاعب البرازيلي يبدي استعداده للانتقال إلى نادي سان جرمان وهو النادي الذي اشتراه في عام 2011 جهاز قطر للاستثمار، والذي يرأسه حالياً القطري ناصر الخليفي.
ضخامة المبلغ جعلت رئيس رابطة الدوري الاسباني خافيير تيباس يرفض تسلم المبلغ من مندوبي اللاعب نيمار؛ لأن هذا المال، حسب ما قال رئيس الرابطة الأسباني، يخالف الأعراف والقوانين متهماً النادي الباريسي بالتنشيط المالي..
والتنشيط المالي هو تجاوز للعب المالي النظيف، مما يؤكد أن القطريين لا يتوانون في ظل حكم تميم مثل والده من توظيف المال غير النظيف لتلويث الأنشطة الثقافية والعلمية وحتى الرياضية التي تصيبها الأفعال القطرية بمقتل للمرة الثانية.