د.عبدالعزيز العمر
في العقدين الأخيرين ظهرت تحولات ثورية في هياكل وبنى وأساليب التعليم، وهي تحولات فرضها الدور العظيم المتنامي للتعليم في تحقيق النمو والتطور البشري المعاصر. ومن بين أبرز مظاهر هذه التحولات في التعليم، عدم قصر مسؤولية التعليم على مؤسسة المدرسة بمفردها، وعدم قصر فترة التعلُّم على ساعات محددة من اليوم أو فترة عمرية بعينها، ومما ساعد على ذلك دخول تقنيات المعلومات والاتصال والأقمار الصناعية ميدان التعليم.
كما لم يَعُد المتعلم يحتاج بالضرورة إلى معلم ليتعلم، خصوصاً بعد ظهور الكمبيوتر ومحركات البحث والأجهزة الذكية والتصوير ثلاثي الأبعاد، وتطبيقات برامج المحاكاة التي تقرب الواقع للطالب.
بل إن دور المعلم نفسه تغير تماماً من (حقن) و(تغذية ) الطالب بالمعلومات، إلى (مستثير) لروح (البحث) و(التساؤل) و(التحليل) و(الاستقلالية) و(الكشف) لدى الطالب.
ومن أبرز مظاهر التحول في التعليم، التخلص من البيروقراطية في إدارة التعليم مقابل منح المدرسة مساحة ومرونة كافيه لتقود التغير المجتمعي.
من جهة أخرى لم نَعُد في التعليم نركز على كيف نعلم وكيف ندرس الطالب، بل على كيف (يتعلم) الطالب بنفسه، خصوصاً بعد أن احتل الطالب مركز العملية التعليمية بدلاً من المعلم.
ومن مظاهر التحول التعليمي أيضاً اختفاء الاختبارات التقليدية، ليحل بدلاً عنها نوع آخر من الاختبارات تركز على أداء الطالب وعلى ربط أدائه بواقعه وبمشكلاته الحياتية.
كما لم يَعُد تعلُّم القراءة والكتابة هو الهم الأكبر للمدرسة، لتتوجه المدرسة نحو استهداف مهارات أعلى يتطلبها سوق العمل، مثل مهارات النقد والتحليل والتخيل والاستنتاج والعمل الجماعي، والإبداع.
ومن أبرز مظاهر التحول التعليمي كذلك ربط المنهج المدرسي بواقع الطالب المعاش وبقدراته، بدلاً من ثني وتكسير أطراف الطالب لإدخاله عنوة في صندوق المناهج.
السؤال الكبير هو: أين نحن من هذه التحولات التعليمية؟