فهد بن جليد
السعودي إبراهيم بن صالح الحمدان يُصنّف بأنَّه أول شخص في العالم (العربي على الأقل)، يقيم مأدبة طعام للقطط التي يرعاها -لوجه الله تعالى- مُنذ أكثر من 14 عاماً في مزرعته بالقصيم، عشرات القطط باتت تعرف مواعيد قدوم هذا المسن لتقديم الطعام والماء لها، والرعاية الصحية والعلاجية لصغارها التي تحتاج إلى اهتمام وعلاج، هذا أحد النماذج الرائعة والمُشرفة للرعاية والرفق بالحيوان في مجتمعنا، والتي يجب أن نُبرزها لتعزيز هذا المفهوم.
هناك نماذج أخرى عديدة وقفت على أحدها شخصياً لشاب خصص شقته بالكامل في الرياض لتقاسمه فيها القطط المشرَّدة، فهو يصرف معظم دخله الشهري لتقديم الطعام والرعاية والعلاج لهذه الحيوانات من باب الرفق والرحمة بها، وغيره الكثير من النماذج البعيدة عن وسائل الإعلام، لذا لا يجب أن تتصدّر صورة ما بات يُعرف إعلامياً بـ(سفاح القطط) المشهد عن علاقة السعوديين بهذا الحيوان، فالمُجتمع يملك رصيداً كبيراً وقصصاً رائعة لرعاية مثل هذه الحيوانات والرفق بها، وفق تعاليم ديننا الإسلامي الذي يحث على الرفق بالحيوان في شتى الصور، وتمشياً مع الثقافة العربية والخليجية عندما ارتبط إنسان الجزيرة العربية بالحصان العربي الأصيل والجمال والأغنام، وطيور وكلاب الصيد ، وغيرها من الحيوانات الأليفة التي تتعايش معنا في بيئة طبيعية قبل قيام جمعيات ومنظمات الرفق بالحيوان عالمياً، والتي تستحق أن تتحول إلى قصص دراسية تعليمية للصغار في المدارس.
ما حمله الفيديو الذي انتشر حول قيام هذا الشخص بمُطاردة القطط وقتلها ببندقيته أمر غير مقبول، ولا يمثل ثقافة عامة للمُجتمع بل هو تصرف شخصي شاذ ومُخالف لأنظمة الرفق بالحيوان المعمول بها في المملكة وفق أنظمة وزارة البيئة، وقد أحسن سمو أمير منطقة مكة المكرمة عندما وجّه بالقبض عليه ومُحاسبته، فانتشار مثل هذا الفيديو يعطي صورة سلبية - غير صحيحة - عن المجتمع السعودي في عيون نشطاء جمعيات الرفق بالحيوان ومُسانديهم في الصحافة العالمية، وربما استغل بشكل غير صحيح من المُغرضين ضد مُجتمعنا.
مجموعة كبيرة من السعوديين على وسائل التواصل الاجتماعي يشكلون اليوم حراكاً مُجتمعياً وشبابياً لرعاية الحيوانات الأليفة، ومن ذلك حملة (تبني ولا تشتري) التي أطلقوها سابقاً لتخصيص بعض المبالغ التي يتم بها شراء قطط للزينة والتفاخر، والتبرع بها لرعاية عشرات القطط المُشردة في الشوارع، كعمل إنساني وأخلاقي نحن الأولى به كمسلمين، والجميل أننا بدأنا نشهد في السنوات الأخيرة مهرجانات خاصة لتعليم الأطفال حقوق هذه الحيوانات، وكيف يمكن رعايتها أو تسليمها لأشخاص آخرين يقومون برعايتها, هذه هي النماذج الحقيقة لعلاقة المجتمع الرحيمة بالحيوان كأحد مكوّنات البيئة من حولنا، وليست طلقات سفاح القطط الطائشة.
وعلى دروب الخير نلتقي.