لأبي تمام حبيب بن أوس الطائي ,الصادر بطبعته الأولى عام 1436 هـ/ 2015 م عن (نادي المدينة المنورة الأدبي) لمحققه الأستاذ الدكتور/ عبد الله بن عبد الرحيم عسيلان
(تعد الوحشيات من المختارات الشعرية, وقد صنف فيها الشعر حسب المعاني والأغراض, وتحوي مقطوعات قصيرة لكثير من الشعراء المقلين والمغمورين. كما أن أبا تمام حرص على أن يختار للشعراء ابتداء من الجاهلية, وكثير مما يورده يعد من الشواهد المعتمدة في العربية, لغتها ونحوها وبلاغتها. وقد يسر الله لي قبل عام ونيف الوقوف على نسخة مخطوطة أخرى, غير مخطوطة تركيا, وأصلها محفوظ في إحدى مكتبات إيران, وهي نسخة قديمة كتبت في شوال, سنة خمسين وخمس مئة, مخرومة من أولها في حدود عشر ورقات, على أنها نسخة متقنة, وفيها إضافات وتصحيح وتقويم لما جاء في المطبوعة على نسخة تركيا, وتبين لي ذلك من خلال مقارنة المطبوعة بنسخة إيران, مما حملني حال حصولي على النسخة أن أقوم بإعادة تحقيق الكتاب). من مقدمة الكتاب.
كان ما مر بنا – قراءنا الأفاضل– جزء مقتطف مما جاء في مقدمة هذا الكتاب, تحدث من خلاله مؤلفه ومحققه عن موضوعه, وعن الأسباب التي دفعته لتحقيقه. وهي -لا شك - أسباب جوهرية علمية, الهدف منها تحري الدقة والمصداقية والوصول إلى حقيقة علمية أو أدبية معينة, والمتمثلة هنا في مقارنة المحقق لعدة نسخ من كتاب (الوحشيات) الشهير لأبي تمام ,إحداها مخطوطة ,وأخرى غير مخطوطة في (تركيا) وثالثة مصورة, ومحفوظة في إحدى مكتبات (إيران).
وحول أسلوبه ومنهجه العلمي الذي انتهجه في تحقيق مادة هذا الكتاب يضيف المحقق قائلا في أحد المواضع من المقدمة نفسها:
(أما ما أضفته من تعليقات فذيلته بتوقيعي (عسيلان), وعملت على مقابلة نسخة إيران بالمطبوعة على نسخة تركيا, ورمزت لهذه النسخة بحرف (خ), وأثبت ما نتج عن هذه المقابلة من فروق وتصحيح لبعض التصحيفات والأخطاء, إلى جانب ذلك قمت بتفسير بعض الألفاظ التي لم يتم تفسيرها, كما أنني توصلت – بحمد الله – إلى تخريج عدد من النصوص التي لم يتم تخريجها في الطبعة السابقة, وإضافة بعض المصادر على ما توصل إليه المحققان في تخريجهما. كما استكملت تراجم الشعراء ممن لم يترجم لهم – وهم كثير – ومنهم شعراء مغمورون ومقلون ,وبعضهم ليست له تراجم مستقلة في كتب تراجم الشعراء, وإنما وقفت على تراجمهم من خلال أخبار شعراء آخرين, مثل: السمهري العكلي, وقفت على أخباره ضمن ترجمة الشاعر المخضرم: عبد الرحمن بن مسافع, المعروف: بابن دارة, في الأغاني). انتهى كلامه.
وإن كان هناك ما أريد قوله في نهاية حديثي عن هذا الكتاب القيم ومؤلفه ومحققه وعن موضوعه ومادته التي يبحث فيها فإن أقل ما يمكن أن أصفه به أنه يعد إضافة جديدة لمكتبتنا العربية وإرثنا اللغوي وتراثنا الأدبي, خاصة أن مؤلفه ومحققه من أولئك المختصين بتحقيق المخطوطات القديمة, والتمعن فيها واستيضاحها وشرحها وتحليلها, وتبيان ما صعب فهمه منها للقارئ والباحث والدارس. يضاف إلى ذلك ما للمؤلف المحقق لهذا الكتاب من مكانة علمية وأدبية معروفة, إذ يعد واحدا من الأسماء التي ساهمت طيلة العقود الماضية من الزمن في إثراء المشهد الثقافي السعودي والعربي على حد سواء بما قدمه من أنشطة علمية وثقافية وأدبية, بحثا ودراسة وتأليفا ونشرا.
- عرض وتحليل/ حمد حميد الرشيدي