علي الخزيم
تجدهم في بعض الاستراحات ومجاميع التواصل الاجتماعي (قروبات) ونحوها؛ نَفرٌ دأبوا على انتقاد كل ما لا يعجبهم لأنهم لم يحاولوا فهم ما يجري قبل النقد، هم في واقعهم لن يكلفوا أنفسهم الخروج من محيطهم، أغلبهم لا يجيدون أو لا يريدون التعامل مع أجهزة التواصل الإلكترونية عَلَّها تقودهم إلى فهم ما يجري حولهم من أحداث وأنشطة اجتماعية وتطورات بكافة مناحي الحياة، إذن هم أعداء لما جهلوا، كل شيء برأيهم كلام جرايد و(خراط فاضي)! والخراط المليان عندهم هو هذرتهم وامضاؤهم الليالي الرتيبة (والسوالف) المكررة دون تزوُّد بمعلومات مفيدة أو معرفة المستجدات والتفاعل معها بإيجابية وطنية صادقة.
المثير لهذه الكلمات والسطور هو ان أحدهم غَرَّد (تويترياً) يستهزئ وينتقص فكرة إقامة (احتفالية) أو كما يقال تجاوزاً (مهرجان) القَرْع أو الدُّبَّاء بإحدى محافظات القصيم، وادعو بالمناسبة لاستبدال المسمى (مهرجان) بعربية ملائمة، المغرد -وله مؤيدون- يرى أن هناك ما هو أهم من القرع لكنه لا يوضح ماذا يريد، فهو كما يبدو ممن اعتادوا الاعتراض والنقد؛ لا سيما تجاه ما يصدر من قرارات تطويرية وهي أن صدرت ببلاد أخرى ربما غردوا بالإعجاب بها ودعوا لمثلها ببلادنا، ومن ذلك تلميحات البعض حول القرارات الكريمة العليا بإنشاء ناديين للصقور والإبل، لم يجهدوا أنفسهم بالاطلاع على بعض ثقافات الشعوب التي سارت إلى مراحل بعيدة للاهتمام بموروثاتها ورموزها الثقافية، ومثلها ما يتردد عن الاحتفاء ببواكير إنتاج بعض المحاصيل والثمار، فلقصور بالفهم ينبري بعض أولئك المغردون والمدونون للتقليل من شأنها، في حين أن قنوات وصحف دولية تغطي كثيراً من هذه المناسبات كأسواق التمور الأوسع بالقصيم ببريدة وعنيزة، وبالقصيم كذلك مواسم احتفالية للعنب والفراولة وغيرها مما تجود به الأرض الطيبة، وهم ليسوا وحدهم بهذا النشاط الاجتماعي التجاري الزراعي الذي اندرج ضمن المقومات الثقافية للمجتمع؛ فهناك كأمثلة مواسم احتفالية للفلفل في شقراء والحوطة، وللحمضيات بنجران، وللتمور وبعض المحاصيل بالأحساء، ومواسم الرمان بالباحة والمانجو بجازان والعنب ببني سعد قرب الطائف التي تحتفل سنوياً بورودها النادرة.
في تونس تطورت العلاقة العائلية بيننا وبين الجيران الطيبين لدرجة أنهم يهدوننا أحياناً نماذج من الأطباق الشعبية عندهم ومن أول مرة تأكدت أنها فلفل مُطعَّم بشيء من الطعام، وحدَّثت جارنا ممازحاً وقلت له: إن طعامكم لا تأكله حتى الجن التي خُلِقت من مارج من نار! قال موعدنا صباح الغد إلى سوق الخضار، فرأيت هناك أن الفلفل (الحبحر) يُجْلب بشاحنات القلاب، وزادني معلومات عن الاحتفالية السنوية لمدينة نابل التونسية بما يسمى سوق الهريسة والفلفل، إذ تشتهر منطقة الشمال الشرقي التونسي بإدخال الفلفل بجميع أغذيتها ومأكولاتها، وفي غويسان بكوريا الجنوبية تقام احتفالية سنوية للفلفل الأحمر برعاية لجنة رسمية تتخللها فعاليات ممتعة.
وأحسب أن الاحتفال بمحصول الدباء بالقصيم ظاهرة حضارية لما للقَرْع من فوائد صحية طبية متعددة نُقِلت عن الرسول المصطفى وأكدتها الدراسات والأبحاث الحديثة، فبارك الله بكل ما يرفع شأن الوطن والمواطن.