تناقضات كثيرة ومُتنوِّعة تمارسها شريحة كبيرة من مُكونات المجتمع تناقضات تَنُم عن البعد والتباعد عن العلاقات الإنسانية في أبسط صورها. تناقضات تُوحي بالأنانية والتجرّد من مقُولة الجار للجار، إنها الحضارة اللا إنسانية. تناقضات أحياناً تدمي القلب لمنْ قلبه ينبض بحب الآخرين ويراعي مشاعرهم وعواطفهم. للأسف العلاقات الإنسانية النبيلة الشريفة أدخلت غرفة العناية المركزة غالبية البشر المصالح الشخصية هي التي تحكم العلاقات الإنسانية عندهم لمَ هذا ونحن نعيش هذه الظاهرة في مجتمع تحكمه الشريعة الإسلامية. لم يعد هناك علاقات إنسانية إلا عند شريحة صغيرة من المجتمع لماذا؟ هل صعوبة الحياة هي السبب؟ أم التفكك الأسري هو السبب؟ أم البعد الديني هو السبب؟ أم يا ترى ما هو السبب ربما انشغال البشر في لقمة العيش ربما الترف؟ ربما حب الذات؟ كم أتمنى أن تعود حياتنا إلى الوراء حيث العلاقات الإنسانية هي النبع الذي يغذي ذاتنا وأرواحنا.
فرح وعزاء في حي واحد ربما في شارع واحد هل ماتت مشاعرنا ولمْ نعد نقيم لها وزناً. يتهرب البعض من تقديم واجب العزاء لجاره بحجة عدم وجود علاقة. الزوجة في بيتها لا تهتم بملبسها، في حين إن ذهبت لزيارة صديقاتها تراها في كامل أناقتها وزينتها. غالبية السياح في الخارج ملتزمون جدّاً بالنظام في الشوارع والمطاعم وفي كل الأماكن وهنا يتصرفون بصورة مغايرة. أب سَخي كريم على أبنائه إنها قمة الأبوية لكنه بخيل مُقصر بالإنفاق على أمه إنها قمة الازدواجية في التعامل وتعميق جرح الأم المسكينة. زوج لا يبالي بمشاعر أمه حين يشتري الهدايا والملابس لزوجته وبمرأى أمه أليست أمّاً تفرح حين يهديها بعض ما يهدي لزوجته إنها قلوب مجروحة لكنها تفيض بالحب والحنان والعطف إنها الأم. غالبية الناس تعيش على جبل من التناقضات، حتى أضحى التناقض توءماً للكثير من سلوكيات أفراد مجتمعنا أليس هذا مجتمعاً مُسْلماً مُسالماً.
الصدور المنشرحة من يقتلها من يُحطمها من يجعلها تنزف إنها أقرب المقربين منها بسبب وبدون سبب، أب مُسِن يجلس في إحدى زوايا البيت لا أحد يعيره اهتماماً فالجميع مُنشغل في الحياة وهل هناك أعز وأرحم من الأب وفجأة تُقام حفلات التخرّج بالقرب منه لا أحد يكلف نفسه ويمسح دمعة الحزن ويشرح له ماذا يحدث إنها قلوب مجروحة. طُول اللسان ورفع الصوت على الأم طريق وعر تحفه المخاطر لكن هناك من يسلكه وفي نفس الوقت يتعامل بهدوء وسكينة مع زوجته تناقض غير مبرر إنها القلوب المجروحة. للأسف في مجتمعنا هناك تناقضات اجتماعية غير مبررة ولا أساس لها ولا رائحة ولا طعم فمتى نقضي عليها وتكون من الماضي.
مجتمعنا متناقض في الكثير من تصرفاته الكثير من الناس يقولون ما لا يفعلون ولا يعلنون فرحهم وانشراح صدورهم خوفاً من أعين الآخرين لكنهم يقومون بذلك في السر لماذا نخفي التعبير عن الفرح ونعلن ونجرح القلوب القريبة منا في مناسبة وغير مناسبة، متى يحترم البعض القلوب المجروحة ويكون لها بلسماً وليس داء لنْ يحدث ذلك ما لمْ ننفذ تعاليم ديننا السمح الوسطي ونتمسك بها.
أخيراً كُلْ إنسان يعرف حقيقة نفسه تجاه مشاعر الآخرين وكيف يراعي تلك المشاعر المجروحة وكيف يضمدها ويرعاها ولا يكون جزءاً منها. المخزون والموروث والمتراكم الذي يتناقض مع القيم الإنسانية على الجميع التخلّص منه وجعله من الماضي. أقتبس من أقوال شكسبير: (ليس في العالم وِسَادَةٌ أنعم من حضن الأم).