فهد بن جليد
إدراج فن الهيب هوب الأسبوع الماضي ضمن أنشطة جمعية الثقافة والفنون في جدة أعتبره شخصياً - خطوة ذكية - لاستقطاب الشباب والترويج للجمعية وأنشطتها بين صفوفهم كخطوة إعلامية دعائية, أكثر منه حاجة مُلحة أو اعترافاً بهذا الفن الذي لم يعد خاصية أمريكية غربية، بل بات ظاهرة كونية بشرية، وإن تحدث البعض أنَّ لها جذوراً في الأدب العربي من خلال المُمارسات الهجائية اللفظية للجاحظ والفرزدق، والحركات الجسدية الحماسية التي قام بها بعض شعراء العرب قديماً عند إلقاء قصائدهم، لجذب الانتباه ورفض التهميش والإقصاء.
وهي المحاور الأساسية التي يعتمد عليها فن الفقراء والأقليات الذي بدأ من الشارع وانتهى إليه، للتعبير عن هموم ومشاكل الشباب والبحث عن الحلول، وفي حال تم ضبط المسألة في هذا الفن وتجاوز سلبياته وتوظيفه بشكل إيجابي بعيداً عن الإسفاف، فسيكون إضافة تتلاءم مع حاجات العصر الشبابية الممزوجة بروح التراث والفن الأصيل التي تم إدخالها على النسخ السعودية والعربية من قبل بعض مؤدي هذا الفن، والخوف أن يُصيب الهيب هوب ما أصاب الشيلات من انفلات ساهم في تهميش الذائقة الفنية لدى فئة الشباب خصوصاً وسبب انفلاتاً ممجوجاً في اللفظ والمُمارسة، والسؤال المطروح هنا هل انتشار الهيب هو وشعبيته الجارفة عند الشباب مسوغاً كافياً لإدراجه ضمن الفنون السعودية والاعتراف به، وماذا عن تأثيراته الأخرى على هويتنا الفنية والأدبية التي تقدمنا للمُجتمعات الأخرى، عندما نشارك به خارجياً أمام ثقافات شعوب هي المنبع والمحضن الأصلي له.
وحده من اتخذ القرار يستطيع الإجابة على السؤال أعلاه - أما نحن اليوم - فنتعامل مع واقع لشكل فني سعودي جديد مُعترف به، ولربما شاهدناه قريباً في المحافل والمناسبات التي تشارك فيها الجمعية، وهو ما يطرح سؤالاً حول مصير أشكال و مُمارسات فنية شبابية أخرى - غير مُعترف بها حتى الآن - وهل ستبقى أقل حظاً من الهيب هوب مع صعوبة تقبل الثقافة السعودية لكل ما هو غريب عنها - وهي التي تمتلك رصيداً عظيماً من الفنون الأصيلة - خصوصاً عندما يمنح هذا الفن الفُرصة للاعتراف به والمساحة والمنصة اللازمة لتمثيلنا، ولعل ما حدث في أزمة رقصة المزمار سابقاً والاختلاف حولها خير مثال.
مرحباً بالهيب هوب في أحضان جمعية الثقافة والفنون، والمحكّ الحقيقي -برأيي- هو في تجاوز الإدراج نحو التفعيل والقبول المُجتمعي لسعودته.
وعلى دروب الخير نلتقي.