أحمد بن عبدالرحمن الجبير
يبدو أننا في مرحلة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمين الأمير الشاب محمد بن سلمان -حفظهما الله- عهد الحزم والشفافية والوضوح، لا مجال للأعمال خارج دائرة المساءلة والرقابة، ويبدو أن هذه سمة رئيسة من سمات العهد السعودي الجديد، ولهذا جاءت الوزارة متناغمة أيضاً مع هذا التوجه، ومن يشذ عن القاعدة يخرج، ومن يعمل بشفافية ووضوح ينال الإعجاب والتقدير والثناء من القيادة والمواطن.
ففي العهد الجديد لم يعد هناك مجال لإخفاء المعلومات، أو للتجاوزات الشخصية، أو أن يكون بين الدولة والمواطن حجاب، لقد اتخذ وزير المالية معالي الأستاذ/ محمد الجدعان، الشفافية نبراساً لجميع قراراته، وذلك بتوفير المعلومة الصحيحة للجميع، وهذا بلا شك يحسب إيجاباً لمعاليه، لأن الوزارة ظلت صندوقاً أسود مغلقاً لا تُعرف إلا في إعداد الميزانية، والمشاركة في القمم الاقتصادية، وتوقيع الاتفاقيات، أما السياسات المالية، ومعالجة الخلل في التنمية الاقتصادية، والهياكل الوظيفية كان تواجدها رمزيا.
واللافت للنظر أن الكوادر والكفاءات الوطنية الشابة إذا ما وجدت الدعم، والصلاحيات قادرة على أن تعمل بامتياز، الأمر الذي يجعلنا نرحب بقوة بتعيين وزراء شباب من ذوي الكفاءات والخبرة، وكذلك وكلاء المالية الشباب الذين شاهدناهم عن قرب وتحدثنا معهم بكل مهنية في حفل السحور في رمضان الفائت الذي أقامته الوزارة للكتاب، والإعلاميين بهدف تعزيز الشفافية وقنوات التواصل بين الوزارة، ووسائل الإعلام، والتعريف بأعمال وأنشطة الوزارة.
لقد سعدنا باللقاء، ومناقشة إستراتيجية الوزارة وهويتها الجديدة، وتوجهاتها وأسلوب أدائها في ظل الرؤية السعودية 2030م، لتَمكين المملكة لتكون ضمن أكبر 15 اقتصاداً في العالم بحلول العام 2030م، حيث تحدث سعادة وكيل الوزارة الأستاذ/ يعرب الثنيان عن الهوية الجديدة للوزارة، والتحول الذي تعيشه المالية خلال التحول الإستراتيجي والاقتصادي للمملكة.
كما تحدث وكلاء المالية الآخرين عن الآلية الجديدة لبناء الميزانية وفق معايير جديدة وتحديد أولويات الإنفاق لدى كل جهة من خلال ورش العمل التي نظمتها المالية للجهات الحكومية، وتطرقوا للتقنية الحديثة المبتكرة لخدمة المستفيدين من القطاعين العام، والخاص والمواطنين، وكذلك عن إصدار التقرير الربع سنوي لميزانية الدولة في إطار الالتزام بمعاير الوضوح، والشفافية والإفصاح المالي.
لقد تمكن والوكلاء الشباب المؤهلين أن يضعوا وزارة المالية أمام أنظار الجميع، وأصبحت الشفافية أكثر وضوحاً مما كانت عليه من قبل، حيث قالوا كلمتهم الصريحة في اللقاء الرمضاني أنه لا مجال للعمل الحقيقي دون الصدق والشفافية، والوضوح في كل القرارات المالية؛ فمهما وصل أي اقتصاد إلى أعلى درجات التنظيم تبقى الشفافية، والوضوح عاملاً أساسيّاً ومؤثرًا فيه، وتساعد المسؤول لاتخاذ القرار الصحيح.
وتم في اللقاء نقاش مفتوح مع وكلاء الوزارة وجميع الكتاب والإعلاميين حيث جعلوا للمسؤولية المالية رؤية للمستقبل، سواء كان لآلية الميزانية الجديدة أو لتخطيطً الاقتصاد والتنمية المستدامة، أو للخصخصة وإيجاد صناديق سيادية، واستثمارية عملاقة أو جذب للاستثمارات الأجنبية، وعدم الاعتماد على النفط، والسعي إلى تحرر المملكة من تبعات صعود وهبوط أسعار النفط، أو دعم برامج التحول الاقتصادي 2020م، والرؤية السعودية 2030م.
ونتمنى أن تفعل وزارة المالية مراكز التخطيط، والبحوث الاقتصادية لخدمة التنمية المالية، والاقتصادية الشاملة، والمساهمة في المحافظة على الثروات، وصناعة الرؤية الاقتصادية المقبلة، وبما يساعد على التخطيط الاجتماعي للدولة وفقاً للحاجات المستقبلية، بحيث يكون هذا التخطيط شاملاً الموارد المالية، والاقتصادية والبشرية، والقدرات الإدارية في ظل الرؤية السعودية 2030 التي يطمح ولاة الأمر إلى نجاحها وبما يلبي احتياجات الاقتصاد السعودي الجديد ومتطلباته.
وأيضاً السعي إلى التوظيف الأمثل للموارد المالية والاقتصادية، والاستعانة بالكفاءات الإدارية المؤهلة لإدارتها، لان التخطيط للمستقبل يتضمن إعداده، وتعزيزه بكوادر وطنية شبابية متحمسة، وذات تعليم عال، والنظر في التوظيف الأمثل للموارد البشرية، وهو ما يتطلب ضمان زيادة الاستثمار البشري لتأهيل المواطنين، وتدريبهم وضمان تعليمهم المتواصل، وتطوير منظومة التشريعات الاقتصادية، والرقابية والشفافية المالية، والمطلوب أيضاً التركيز على الشفافية والوضوح، فمتى نرى شفافية المسؤولين وهم يتحدثون بجلاء عن تقصيرهم وأخطائهم، كما يتحدثون عن نجاحاتهم ومنجزاتهم من أجل توفير المعلومة الصحيحة للمواطن، سواء كانت معلومات اقتصادية، أو إعلامية أو صحية، أو تعليمية أو أمنية أو اجتماعية، أو غيرها من الأمور الاقتصادية الأخرى التي تخدم المواطن والمجتمع، وتحقق التنمية الاقتصادية المستدامة.