د. خيرية السقاف
يدهشك هذا النقل, والاتباع الذي يهرول إليه, وينهج طريقه جمعٌ غفير ممن يكتبون في الدوريات المختلفة, ومواقع التواصل, والمدوّنات الشخصية .. قال فلان, وذكر علاّن, وجاء في إرث الفلاسفة اليونان, ومفكري الغرب والشرق, وبعيد الأوطان!!..
فإن تتبعت مضامين المنقول لم تجد فيه أبعد رؤية, ولا أندر غلّة, ولا أبدع فكرةً من تلك التي يقولها عابرٌ مرَّ بنخلٍ في ظهيرة صيف رأى عذوقها مثمرة بالرُّطب فقال: سيسَاقط، حان موعد الجنيِّ، أو قول شاهد ٍلنوء المطر, فناشد الغيمة أن تزخَّ، وهما لم يبتكرا فكرة الثمر, ولا المطر, لكن هناك من سمعهما فذهب بما قالاه مندهشاً, مردداً مكرراً كأنما وقف على نبوءة، أو سمع عجباً, أو سقط عليه علم جديد!!..
أعجب ما أعجب من أولئك الذين ينقلون, يرددون, يجتّرون, يندهشون, يطيرون بمقولات لا جديد فيها يضيف لخبرة الإنسان الفكرية, أو يطور من رؤيته المعرفية, أو يمد في أجنحة مخيلته الإبداعية, أو يعلِّمه ما لم يتعلم, أو يفتح له مغلقاً, أو يقيل له عثرة إرث..
وتزيد المنقولات في مجال ما يُطور الذات!, و يقوِّم السلوك, أو يختصر قواعد العمل!!
وتعجب لمن يسند لخبير هندي _ على سبيل المثل _ أهمية إتقان العمل والإخلاص فيه, ومنهج المعلِّم الأول للبشرية محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، قد غرس من قبله الجذر, وأنشأ الجذع, وأقام الوتد, وبسط السبيل في هذا بقوله : « إنّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه», وكذلك بفعله حيث يحاسِب المقصر, ويسأل عن نتائج عمله..!
القياسات لا تُحصى في شأن هذا التهافت المشين على الاتباع, والنقل, والتكرار لما هو أدنى من الجديد المفيد, والفكر السديد, والإضافة المثمرة, والمبتَكَر في المُنجز البشري فكراً, وعلماً, ورؤية, ومعرفة, وإبداعاً.. وذلك الذي ينبغي أن يُضاف ويُمزج, وله تتسع الرحابة, والقبول.