اللعب بالسيارة سواء القيادة بسرعة متهورة أو التفحيط وغيرها هو اللعب مع الموت، هي اللعبة الخاسرة وإن نجا المتهور منها في المرة الأولى أو الثانية. قد قيل إن عدد السعوديين الذين يموتون يومياً بسبب حوادث السيارة أكثر من عدد الذين يموتون في الحروب. وهذا أمر مؤسف للغاية وفيه حرقة لخسارة شباب في عمر الزهور تحولوا إلى أشلاء أو انتهى بهم المطاف على كراسٍ متحركة.
ولهذا جاء نظام المرور والذي يهدف إلى الحد من الحوادث المرورية المروعة وللحفاظ على الأرواح والممتلكات، ليقرر عقوبات مختلفة تتناسب مع نوع المخالفة، تتمثل في تحرير مخالفة أو حجز مركبة أو إيقاع غرامة أو السجن. ولعل من بين أخطر المخالفات المرورية التفحيط، هذه الآفة الخطيرة والظاهرة الاجتماعية السيئة والتي لا زالت تُمارس إلى وقتنا هذه على الرغم من رفع عقوبة التفحيط لتصل عقوبة الغرامة المالية إلى 20 ألف ريال للمرة الأولى، وأيضاً عقوبة سحب السيارة.
بعيداً عن الدوافع وأسباب هذه الظاهرة، لابد من إفهام المفحط بأنه شخص غالٍ ومهم بالنسبة لنا ولا نرضى ينتهي به المصير إلى هذا الهلاك، فكثير منهم يجد قيمته ويحظى بشعبيته عندما يكون خلف طارة المركبة ويلعب بها يميناً وشمالاً! ولهذا وإيماناً منا أنه شخص مفيد يجب أن تكون هناك حلول أخرى غير عقوبة السجن والغرامة. حلول إيجابية من نوع آخر توحي للمخالف أنه قد يقوم بعمل ما أو خدمة معينة يحظى فيها بابتسامة أو دعوة أو تشجيع من الغير. ليكون الهدف منها هو إيحاء المخالف أن هناك أعمالاً خيريه تنفع الناس ويجد فيها الرضا عن نفسه ويشعر فيها بأنه مفيد. فقد قيل أسبغ على الرجل ولو كان شريراً ذكراً حسناً يقوم على تدعيمه. وهذه الحلول قد تكون تحت مسمى ما يعرف بـ «خدمة مجتمعية» كما تسميها بعض دول الخليج. وهي تتمثل في إلزام المتهمين بحكم من القاضي في القضايا المرورية بالقيام بخدمة مجتمعية الهدف منها النفع العام.
في أبوظبي - كمثال حي - ألزمت المحكمة الجزائية المتهمين في قضايا مرورية بالقيام بخدمات مجتمعية، منها على سبيل المثال القيام بخدمة تعبئة الوقود لمدة يراها القاضي، أو القيام بخدمة تنظيف المساجد وصيانتها أو تنظيف الشوارع والطرقات أو تنظيف المكتبات. جميع هذه الخدمات والتي تصب في خدمة المجتمع صالحة لأن تكون حكماً من القاضي للاستفادة من هذا المخالف. وبعيداً عن السجن ولؤم النفس وغيرها قد يكون إلزام المفحط أو المتهور بالقيام بخدمة اجتماعيه حلاً أولياً يرجى منه إصلاح نفسه وإشعاره بالاهتمام وأنه شخص مفيد ومثمر. ثم بعد ذلك لا مانع من أن تكون العقوبة الجسدية كالسجن أو المالية كالغرامة كحل أو خطوه ثانية. فإشعار المخالف أولاً بوجوده وإظهار قيمته أهم وأولى من معاقبته وإقصائه.