الإنسان الذي يملك هدفًا هو إنسان ينظر للمستقبل برؤية الحاضر ويسعي جاهداً إلى تحقيق هذا الهدف إذا كان هدفاً واضحاً ومحدداً ومعقولاً وله سقف زمني معروف لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يتم تحقيق هذا الهدف وما الوسيلة المثلي لذلك؟ تختلف الوسائل باختلاف قناعة الإنسان ومدى قدرته على قراءة المستقبل. لا شكْ أنّ النظرة الإيجابية للحياة تعطي دافعاً قوياً لتحقيق الغاية والتفاؤل عنصر قوي ومهم اقتبس (تفاءلوا بالخير تجدوه).
للأسف هناك مقولة مشهورة ومتعارف عليها بين الناس وفي رأي مغلوط في شقها الثاني وهي (الغاية تبرر الوسيلة)، الغاية أو الهدف أمر مشروع لكل إنسان لكنّ الوسيلة يجب أن تكون وسيلة مشروعه وإنسانية وخالية من التعرّض لكرامة الإنسان ووجوده. وليس في الشريعة المبدأ القائل بأن الغاية تبرر الوسيلة بل هذا رأي المفكر والسياسي الإيطالي نيكولو مكيافيلي الذي يركّز على القيام بأمر خاطئ ربما يكون خاطئاً للوصول إلى نتيجة إيجابية وتبرير الفعل الخاطئ بالتركيز على النتيجة الجيدة، كيف تكون جيدة وهي قائمة على أرضِ غير صلبة، ومع هذا هناك شريحة من الناس يؤمنون بهذا التوجه لبلوغ أهدافهم من خلال أية وسائل لازمة، مهما كانت تلك الوسائل غير أخلاقية، أو قانونية، أو إنسانية. يجب أن تكون الوسيلة قانونية وإنسانية وليست الغاية تبرر الوسيلة.
النظرية الميكافيلية الشهيرة تؤكد (أن الغاية تبرر الوسيلة) فهل من المعقول أن يحصل موظف على ترقية دون وجه حق على أكتاف زملائه في العمل، وهل من المعقول أن يسرق الإنسان لكي يحقق هدفاً من أهدافه، وهل من المعقول أن يروّج الإنسان للمخدرات لكي يصبح غنياً، وهل من المعقول أن يقدم الإنسان شهادته ضد إنسان آخر زوراً وكذباً، هناك الكثير من الأمثلة لا حصر لها التي تنم على سلوكيات الإنسان وشخصية تلفت من حولك تجدها أو تسمع بها لكنها واقعية للأسف ومهما اختلفت الأسباب والمسببات ولكن يبقى الخطأ واحداً وتبقى الغاية لا تبرر الوسيلة.
في رأيي الشخصي هناك فرق بين سلوك الإنسان وسلوك الدول في الغاية تبرر الوسيلة فعلي الإنسان ألا يرتكب أفعالاً وحماقات للوصول إلى غايته وعليه أن يصل إلى غايته بجهده وتخطيطه والسعي في النور وليس في الظلام وما أكثر الذين يحبون العمل في الظلام ومن وراء الكواليس التي تعشش عليها النرجسية والأنا. وعلى الإنسان أن يتوخى الحذر في وسائله المنتقاة وصولاً إلى غاياتنا المرتجاة. ومهما تكن الخلافات بين الناس فلا يجب أن تطبق نظرية أن الغاية تبرر الوسيلة.
في عالم الغابة هذه النظرية مطبقة كما هي القوي يأكل الضعيف، والعنف هو سيد الموقف لا رحمه ولا مراعاة، سد الجوع والعطش يبرر وسيلة الهجوم والقتل، والسيطرة على منابع الماء والبحيرات والمحميات لا يتم إلا بالقوة والبقاء للأقوى إنها شريعة الغاب التي لا شريعة لها.
وفي الختام تحت أي ظرف وفي أي وقت الغاية لا تبرر الوسيلة للوصول إلى قمة المجد على أكتاف الضعفاء من الناس والمعوزين الذين يرضون بالفتات. وهذه النظرية تتعارض مع القاعدة الفقهية «الضرورات تبيح المحظورات».