الاستجابة السريعة الواسعة للتحركات التي قامت بها المملكة، والتجاوب الكبير مع جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الداعية إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وإعادة فتح المسجد الأقصى، ووقف أشكال التصعيد كافة، وعدم استفزاز المصلين، هي مؤشر واضح على الثقل السياسي الكبير الذي تتمتع به المملكة، والموثوقية العالية التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الجهود السعودية الرامية إلى إحلال السلام في العالم، ونزع أسباب وموجبات التوتر كافة.. فقد سارع قادة الدول الكبرى في العالم إلى ممارسة ضغوط مشددة على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وتوجيه تحذيرات واضحة لهم بخطورة الموقف الذي يمكن أن يخرج سريعًا عن السيطرة، وحينها لن يكون بإمكان أحد أن يتوقع ما يمكن حدوثه.
اللافت بشدة هو انصياع تل أبيب التام للضغوط، وإذعانها وموافقتها على الاستجابة للمطالب كافة، بدءًا من إزالة الأبواب الإلكترونية، وصولاً إلى إعادة فتح المسجد أمام المصلين، ووقف العدوان، رغم أن كثيرًا من متشددي حكومتها اليمينية ملؤوا الدنيا صراخًا وتهديدًا خلال الأيام الماضية، معلنين عدم التراجع عن الخطوة، والتمسك بالبوابات، والاستمرار في التضييق على المصلين، إلا أن كل تلك المزاعم والادعاءات تبخرت في الهواء، وذهبت أدراج الرياح أمام قوة الموقف السعودي الواضح.
وقد اتخذت المملكة هذا الموقف الشجاع انطلاقًا من مسؤوليتها الكبيرة دعمًا للحق الفلسطيني الواضح.. ولن تنجح محاولات تل أبيب لتزييف الواقع وتزويره وإنكاره، وهو موقف طبيعي، يأتي في سياق الدعم المتواصل للقضية الفلسطينية؛ باعتبارها القضية المحورية للعرب والمسلمين، وهو دعم استمر منذ قيام المملكة على يد المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، واستمر عليه أبناؤه الملوك البررة من بعده.
ما حدث يؤكد حقيقة بديهية، يدركها كل متابع، هي أن الصوت السعودي يجد من يستمع إليه، ويصيخ إليه، ويتعامل معه بالجدية المطلوبة.. وهذا ناتج من حقيقة أخرى، تؤكد المكانة الكبيرة التي تتمتع بها الرياض وسط عواصم العالم، انطلاقًا من مكانتها الفريدة في العالمين العربي والإسلامي؛ بوصفها دولة قائدة ورائدة، إضافة إلى سياستها السلمية المعتدلة، ودورها الكبير في إحلال السلم والأمن في العالم، وإسهامها الإيجابي في القضايا الدولية كافة، ورفضها لسياسة الظلم الواقع على الفلسطينيين.
** **
- عضو مجلس الشورى والرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية بالجامعة العربية