الجزيره - أحمد المغلوث:
كتب الكثير الكثير عن «الخادمات» اللواتي بتن ومنذ ثلاثة عقود وأكثر جزءاً لا يتجزأ من الأسرة السعودية.. نعم كتبت هنا في «الجزيرة» وفي غيرها من الصحف المحلية عشرات التحقيقات وزوايا الرأى تناولت جوانب مختلفة عن معاناة المواطنين وحتى المقيمين من المشاكل التي واجهوها خلال استقدامهم «خادمة منزلية»، ضحك ونصب بعض المكاتب الوهمية وغير الوهمية والمماطلة في عملية الاستقدام. قدوم خادمات للعملاء تختلف مواصفاتها عن ما تم الاتفاق عليه بين العميل ومكتب الاستقدام الخاص. ومعاناة الناس مع «الخادمات» باتت ظاهرة مستمرة إلى اليوم بعدما ارتفعت أسعار الاستقدام ورواتبهن إلى الضعف وأكثر فالخادمة «الفلبينية» والحق يقال إنها أكثر تميزاً من غيرها لكن باتت تكلفة استقدامها حدث ولا حرج ووصل راتبها إلى 1500- 2000 ريال شهرياً. والمثير للدهشة أن البيت السعودي أو حتى شقة السعودي صار لا تكفيه خادمة واحدة بل انتشرت في السنوات الأخيرة وجود أكثر من خادمة وهذه الظاهرة المعاشة شغلت اهتمام المراقبين حتى في غياب الإحصاءات الدقيقة عن عدد الخادمات أو العاملات في المنازل لسبب بسيط هو أن هناك عاملات يعملن خفية وبدون إقامات.
ورغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها أجهزة الدولة لمحاربة هذه الظاهرة السلبية في مجتمعنا إنها ظاهرة مازالت مستمرة في غياب الضمير الوطني والإحساس بالغيرة على الوطن والمحافظة على مكتسباته. وتسرب أمواله بطريقة غير مشروعة. وكثير منا خصوصاً أصحاب الدخول المحدود باتوا لا يستطيعون توفير شيء من رواتبهم ومن هنا فلا مدخرات لديهم لظروف حياتية طارئة ومن هنا أصبحت رواتبهم 75 % من يذهب رواتب للعاملة والسائق وسداد فواتير الكهرباء وهواتف أفراد الأٍسرة والمياه. هكذا قال لي أحدهم خلال وقوفه لسداد فواتير منزله كان يقول لي ذلك بصوته الخفيض المكتوم ناظراً بعينيه لشخصي ويضيف: يا ليت تكتب عن معاناتنا نحن أصحاب الدخول المحدودة من المتقاعدين. فوعدته خيراً وعندما عدت للتو بدأت أكتب هذه «الإطلالة» لهذا اليوم بعدما أثار ظاهرة مشاركة الخادمات في اقتطاع جزء كبير من رواتب المواطنين. وارتفاع رواتبهم عن الماضي، إضافة إلى اختلاف أسعار الاستقدام في المملكة عنها في دول الخليج فتكلفة الخادمة في مملكة البحرين وعمان والكويت أقل بكثير من تكلفتها بالمملكة.
وماذا بعد لقد مرت عقود على انتشار وجود الخامة أو العاملة المنزلية كظاهرة تسترعي الانتباه والدراسة وحتى المناقشة مع تفشيها بصورة غير معقولة فلقد انتشرت كـ»تسونامي» لا يمكن إيقافه أو منعه، بل إن بعض سيدات وربات البيوت رحن يعتمدن اعتماداً شبه كامل عليهن. ومن حق المرأة بالطبع أن تتمتع بما وفره لها الله من أوضاع وإمكانات تتيح لها استقدام ليس خادمة واحدة بل أكثر. فهذه مسؤولة عن الطبخ وتلك للغسيل وثالثة لمتابعة الأطفال.؟! أعرف جيداً أنني سوف أغضب البعض من نصفنا الآخر لكن كلمة الحق يجب تقال في كل الأحوال.. لقد ضاعت أموال وأموال من اقتصاديات وميزانيات الأسر المواطنه لتتسرب في أمواج هذا التسونامي المتلاطم الأمواج.