أ.د.عثمان بن صالح العامر
علاقتنا في المملكة العربية السعودية بقضايا الإسلام والمسلمين عموماً وقضية القدس على وجه الخصوص علاقة متجذرة وأساس منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- وحتى حكم سلمان بن عبد العزيز- أمد الله في عمره ووفقه ونصره على أعداء الملة والدين- وستظل على ما هي عليه أمداً طويلاً بإذن الله، وهي علاقة عقدية في الأساس قبل أن تكون سياسية أو اقتصادية براغماتية، ولذلك كثيراً ما جاء الحديث عنها في خطابنا الرسمي على أنها قضيتنا الأولى حكاماً وشعباً.
لقد افتخر سلمان بن عبد العزيز بلقب خادم الحرمين الشريفين (المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة) وحق له أن يفتخر بذلك، يضاف إلى هذا الشرف في خدمة أعظم بيتين لله عز وجل على وجه الأرض نعته- حفظه الله ورعاه- بالمدافع عن الأقصى وحامي حمى المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا لها - كما هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم -.
ليس هذا القول عن سلمان العزم والحزم من باب الاستهلاك أو الكسب الشعبي لعامة المسلمين الذين تفاعلوا إيجابياً مع الفلسطينيين في منعطفات قضيتهم التي صارت ككرة الثلج، تكبر مع مرور الأيام وتزداد تعقيداً للأسف الشديد، آخر هذه المنعطفات الخطيرة التي تفاعل معها عقلاء العالم منع الجيش اليهودي دخول المسلمين المسجد الأقصى والصلاة فيه الجمعة قبل الماضية، أقول ما ورد أعلاه في حق خادم الحرمين الشريفين ليس مجرد ادعاء، إذ إن موقفه- رعاه الله- الفعلي من هذا التصرف المرفوض والمستهجن من قبل سلطة الاحتلال الإسرائيلي عَكَس طرفاً مما يحمله قادة بلادنا المباركة من حمية وغيرة ودفاع ومنافحة عن مقدسات المسلمين ومساجدهم التي هي منارة الله في الأرض، ونحن من خلفهم نقف صفاً متراص اللبنات دفاعاً عن قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لقد وظّف البعض من أدعياء تبني القضية الفلسطينية هذه القضية عبر تاريخها الطويل للوصول إلى مآربهم الخاصة وتحقيق مصالحهم الشخصية، فكسبوا المال والشهرة، وحظي البعض بالمنصب والجاه والحصانة الدبلوماسية والحظوة العالمية، سواء أكانوا وطنيين أم عربويين قوميين أو إسلاميين مؤدلجين، وبقينا نحن في المملكة العربية السعودية صادقين مخلصين لقضايا أمتنا وملتنا الإسلامية، صامدين في وجه العدو أياً كان جنسه أو لونه أو موطنه، مدافعين بتفانٍ وإخلاص عن كل ما هو حق ويمثل الإسلام الوسطي الصحيح الذي لا إفراط فيه ولا تفريط، رغم كل ما يقال عنا ويحاك لنا ونتهم به، والمواقف تبرهن، والحوادث تدلل، والتاريخ يشهد، والأرقام لا تكذب ولا يمكن أن تخدع أحداً يوماً ما، وما سطّره سلمان العزم والحزم الأيام القليلة الماضية يجب أن يحظى بالاعتراف والشكر والتقدير الرسمي والشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي، فنحن في وقت قلّ فيه الناصر وضعف المعين وكثرت الأهواء وتبدلت المواقف وتكلم الرويبضة وتعدد الأدعياء فصارت الحقيقة أعز مفقود، والدفاع عنها أغلى مطلوب في ظل ركام الكذب وسيل الإشاعات التي يراد منها - في النهاية - حرب المسلمين وإبادتهم وهدم مساجدهم، وطمس معالم الإسلام الحق الذي هو منهج هذه البلاد المباركة وسمة قادتها وعلمائها- حفظهم الله ورعاهم وسدد على الخير خطاهم- ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى اللقاء والسلام.