رقية سليمان الهويريني
بدأت ظاهرة أطفال الشوارع في المملكة بالانتشار من خلال ممارسة بعضهم البيع العشوائي الذي يأخذ شكل التسول والاستجداء عند الإشارات الضوئية وأمام المتاجر والمساجد. وتعتمد عادة على الوافدين من بعض دول الجوار حيث يتم استغلالهم لبيع السلع البسيطة ومن ثم يتطور الوضع للتسول.
وما دعاني لكتابة هذا المقال ما قامت به شرطة منطقة الرياض مؤخراً، بضبط سبعة رجال وأربع نساء وثمانية عشر حدثاً في عملية أمنية نُفذت في إطار مكافحة جرائم الاتجار بالبشر! وتم تحويلهم للنيابة العامة لإيقاع العقوبة المناسبة عليهم.
وبرغم أننا كنا نتوقع أن تقوم مكافحة التسول بهذا العمل لمسؤوليتها المباشرة؛ إلا أن نهوض الشرطة بهذا العمل جهدٌ تشكر عليه؛ خصوصاً أنه أمر يدخل في باب حفظ الأمن ووقف الاتجار بالبشر بمنع استغلال العصابات الإجرامية للأطفال وللنساء من جنسيات عربية محددة تعاني بلدها من انعدام الأمن!
ومن المخيف حقاً أن تتحول هذه الظاهرة التي برزت في مجتمعنا السعودي إلى حالة من تسكع الأطفال وتشردهم واستغلالهم في بيع الممنوعات وترويج المخدرات. ويعد تسخير الأطفال والنساء للتسول أحد أشكال العنف سواء كان بهروبهم من حضن الأسرة بسبب انعدام التوافق النفسي والاجتماعي أو ما يعانيه بعضهم من تعرض للضرب والحرق والتعذيب والحرمان من الغذاء بهدف دفعهم للتسول فيكون ضحية للتحرش أو الاعتداء الجنسي أو يتعرض للإدمان أو الانخراط في الجريمة!
وللتسول وجه اجتماعي كالح حيث يعد تشويهاً لواجهة المجتمع، كما أن له وجوهاً نفسية مؤلمة ينتج عنها اضطرابات نفسية وخوف وانعدام الثقة بالآخرين مما يجعل المتسول انفعالياً عدوانياً عنيداً، وتبهت لديه المبادئ ويتخلى عن القيم ويضعف لديه الانتماء فيفقد هويته، مما يشعره بالظلم والتشتت العاطفي، والرغبة بالخروج على المجتمع وإثارة البلبلة والفوضى فيه.
وفي حين نهيب بالشرطة القبض على المتسولين، فإننا نطالب المسؤولين بالوزارات المعنية توجيههم لطرق الكسب السليمة والمحافظة على وجه الطفولة وبراءتها من العبث، بمعاقبة العصابات، وتوعية المجتمع بعدم إعطاء المتسولين المال لأنهم يساهمون بهدر كرامتهم؛ بينما يذهب المال للعصابات المنظمة!