عبد الله باخشوين
((في العالم المملوء أخطاء - مطالب وحدك ألا تخطئ - لأن جسمك النحيل - لو مرة أسرع أو أبطأ - هوى وغطى الأرض أشلاء - في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأ - في هذه الليلة.. أو في غيرها من الليال - حين يفيض في مصابيح المكان نورها وينطفئ - ويسحب الناس صياحهم - على مقدمك المفروش أضواء.))
هذا ((المقطع الطويل - نسبياً - هو مطلع قصيدة أحمد عبدالمعطي حجازي ((مرئية لاعب سيرك)) التي يعتبرها عدد كبير من النقاد أهم قصيدة كتبها الشاعر.. وكان ذلك في عام 1968 ونشرت لأول مرة في مجلة الآداب البيروتية.. ثم ضمها ديوان ((مرئية العمر الجميل )).. الذي يضم القصائد التي كتبها الشاعر في رثاء الرئيس جمال عبدالناصر عام 1971.
ومن المعروف أن حجازي شاعر قومي ناصري.. قال عن هذا بعد عدة سنوات : (( أنا والقومية العربية نتنزه في شوارع باريس)).. هذة القصيدة.. ظلت تغيب عن الذاكرة وتعود لها في مناسبات شتى حيث يقوم ب((إسقاطها)) من يرى مرور حدث ما.. يحمل فى طياته بعض أنواع وأساليب ((الفهلوة)) التي تقول بها القصيدة حين تنظر إلى الفعل ((الأيدلوجى)) التكتيكي.. على إنه أكمل خروجه من دائرة ((المناورة)) وأصبح عملاً قد يؤدي في النهاية إلى نهاية من يقوم به.
وهنا لا أجد أحداً - في هذه المرحلة - ينطبق عليه مضمون هذه القصيدة سوى شيوخ قطر خصوصاً.. حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.. و حمد بن خليفة آل ثاني.
وإن كنت أجد من يسعى لإسقاطها ولو بطريقة متعسفة وغير منطقية على أحداث أخرى.. رغم أن ((مناورات)) السياسة تخطت المرحلة الناصرية.. ودخلت إلى آفاق بعيدة جداً تحكمها المصالح الشخصية في كثير من الأحيان.. وتجعلها تدخل في ((خانة الخطر)) في مضمونها ونتائجها.. لأنها لا تحسن قراءة التاريخ.. ولاترى منه إلا مايمكن أن يحاك فيه من دسائس و مؤامرات صغيرة.
أما مصالح البلاد التي تدخل الوطن - أى وطن - في دائرة السعى لإنقاذه والخروج به من دائرة الأطماع الشخصية.. والمصالح الحزبية الإخوانية والداعشية التي يتجاوز خطرها كل الحدود التي لا يراها ولا يدركها ((التابع في المصلحة)) وبالمصلحة.. لأن هذا يحتاج إلى ((بعد نظر)) لا يتوفر لدى من يكون ارتباطه مصلحياً.. تقوم إستراتيجيته على مناورات ((البيع والشراء )) دون إدراك حجم خطر صفقات البيع والشراء.. على مستقبل وطن يجب أن يكون مؤمناً ومحصناً بطريقة جيدة تكفل له الوصول إلى الأجيال القادمة وهو متعافٍ وقوي ومحصن ضد كل أطماع الجهلة والخبثاء الذين لا يرون مافي ((مرئية لاعب سيرك)) سوى أنفسهم كمتملقين ومداهنين.. يعتبرون مصلحتهم فوق كل شيء.