عبده الأسمري
في قامته حضرة «علم ومعرفة» وفي استقامته استحضار «مسؤولية ومهمة»، عمل بصمت فكانت إنجازاته «حديثاً» تنقله المنصات جهراً وخطط بسر فظلت مهماته علناً تتناقلها المناسبات.
إنه وزير العدل السابق ورئيس مجلس الشورى الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ القيادي والبرلماني والأكاديمي سليل بيت الإفتاء وحفيد عائلة السخاء أحد أبرز القياديين السعوديين في المجال الشرعي والعدلي والشوري.
بوجه وقور يسكنه الصمت ويعلوه السمت وملامح تملأها علامات الإنصات تشبه والده وتتشابه مع ملكات عائلته وكاريزما جمعت الهيبة القيادية والهبة المعرفية وصوت جهوري تتوارد منه عبارات شرعية واعتبارات عدلية تستند على لغة مختصرة ولهجة منتصرة ينطلق منها منطق علمي شرعي ونقاش أخوي وود عملي وقول هادئ تتقاطر منه سلاسة الأسلوب وسلسلة الأحاديث وحياكة الكلمة وقيافة المعني يطل آل الشيخ مسؤولاً وقيادياً من طراز خاص ووجهاً مألوفاً على طاولات القرار وشخصاً شغوفاً بمهام الوطنية.
عاش آل الشيخ طفلاً نابغاً يراقب والده وهو يتفحص مجلدات الكتب والمعاجم في مكتبة منزلهم ولازم والده الذي كان يرى فيه نبوغاً باكراً وفكراً يسابق عمره فكبر وهو يلامس تحقيق أمنيات أسرته وطموحات عائلته فعكف يتابع مئات الفتاوى التي كان والده يرد عليها للمستفتين وتعلم في هذا المحفل الديني مسائل الإفتاء ومعاني الشرع وتفاصيل المعرفة فارتسمت في مخيلته حدود المستقبل وخارطة الغد ودروب التخصص فنهل من علم والده وانتهل من معرفة المكان واستهل خطواته بالبحث الدؤوب والقراءة المستمرة والاستنباط المبني على البراهين فصال وجال كطالب علم وساعي معرفة وسفير مسؤولية.
حصل آل الشيخ على الابتدائي من المدرسة المحمدية بالرياض ثم انتقل إلى المعهد العلمي وتتلمذ خلالها على يد والده مفتي الديار السعودية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم وكان الوحيد من بين أبنائه الذي سكن معه في المنزل أما بقية أخوته فقد كانوا يسكنون في منازل مستقلة ولازم والده وقرأ عليه عدداً من المواد والعلوم. كما درس على يد فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي في التفسير والفقه وأصوله.
بعد ذلك انتقل إلى كلية الشريعة في مدينة الرياض قبل أن تسمى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتخرج منها بدرجة بكالوريوس في الشريعة عام 1395هـ ثم عمل معيداً في نفس الجامعة وابتعث إلى جامعة الأزهر بالقاهرة في كلية الشريعة والقانون وأنهى فيها مرحلة الماجستير عام 1400هـ، وكان عنوان الرسالة «نشأة الفقه الإسلامي واستقلاله حتى نهاية القرن الرابع الهجري».
عاد إلى الوطن وحصل على الدكتوراه من جامعة الإمام عام 1407هـ. وكان عنوان الرسالة: «توظيف الأموال في الشريعة الإسلامية»، وعمل محاضراً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في كلية الشريعة في قسم الفقه وأستاذاً مساعداً إلى أن تم تعيينه وزيراً للعدل بالأمر الملكي عام 1413 ثم نادته الثقة الملكية ليترأس منصب رئيس مجلس الشورى عام 1430هـ.
في وزارة العدل سجل آل الشيخ منهجية احترافية وربط القضاء الشرعي بالعطاء التنموي فطور وأسس منظومة من العمل والعلم في ميزان واتزان وإتقان جعلت الوزارة تجمع المناهج الشرعية بالتقنية وتقرن النهج الإيماني بالمهنية، حيث انتقل القضاء إلى آفاق من التطوير والابتكار والجدارة.
تحت قبة الشورى.. يتوجه آل الشيخ بحقيبته العامرة بالملفات الوطنية والتحديات المستقبلية يعرف موظفي المكاتب الأمامية بسمته التي تسبق تحيته وصمته المشبع ببعد النظر الذي يعقب طلبه لأدق تفاصيل المهمات الشورية. ثم يدير الجلسات بروح الأخ وصراحة الرئيس وإبداع القيادي.. وقيادة المبدع.
عضويات متعددة وتكريم متنوع وإشراف على رسائل دراسات عليا وتحولات كثيرة ومشاهد علمية ومعرفية وتطويرية كان آل الشيخ فيها صاحب قرار ومالك صلاحية وتوقيع مقرر ووقع مشارك مساهماً باسمه وعلمه وقلمه في التنمية البشرية والإدارية والإشرافية.
يظل آل الشيخ رقماً ثابتاً في معادلات النماء الوطني ومعدلات السخاء القيادي ومقدرات القامات التي وضعت بصماتها الذهبية وقراراتها المفصلية في مجالات الحاضر وتجليات الغد.