فهد بن جليد
«يا حبيبي احنا حنعطيك حُقنة 7615، وكمان محلول 7501 بيريحك, ولو ما تحسنت عليك بالـ 8019، روح أدفع يا حبيبي عند الاستقبال وأشوفك عند الضماد» هذا هو الحوار الذي اعتاد عليه أغلب مراجعي المستوصفات والمُستشفيات الخاصة، حيث يتم التعامل مع الإبر والأدوية والمحاليل بالكود الرقمي الذي لا يفهمه المريض، وقد يكون هذا عملياً وأقل خطأً بين الفرق الطبية، ووفق معايير إدارة المراكز العلاجية - لا أستطيع أن أفتي في هذه المسألة - ولكن الذي أجزم به أنَّ تعميم وزارة الصحة الأخير بأنَّ على الطبيب الاكتفاء بكتابة الاسم العلمي في الوصفة الطبية بدلاً من الاسم التجاري سيكون صعب التطبيق بين الأطباء والصيادلة بذات الطريقة السابقة، وسيجعل المريض في حيرة من أمره في الاختيار بين البدائل الطبية دون أدنى خلفية، وإن كانت الخطوة تأتي لضمان خفض التكلفة العلاجية للمريض، وتشجيعاً لمُنافسة الأدوية محلية الصنع في وجه الأدوية العالمية الشهيرة، وتمشياً مع سياسات منظمة الصحة العالمية في تشجيع وصف الأدوية بأسمائها العلمية.
لا يمكن الجزم بأنَّ كتابة الاسم العلمي للدواء هو في مصلحة المريض مُطلقاً، مع تنوع الأدوية ومركباتها التي قد لا تناسب جميع الحالات، وقد تتسبب بمضاعفات لحالات أخرى، وسط ضعف قدرة الصيدلي في تمييز مناسبة ذلك للمريض الذي سيختار الدواء الأقل سعراً بكل تأكيد، ولماذا لا يمنح الطبيب فرصة ترشيح الاسم التجاري الأفضل للمريض مع الالتزام بكتابة الاسم العلمي - كنوع من الإرشاد العلاجي - وبعدها تترك له حرية الاختيار خصوصاً وأنَّ الاسماء التجارية معمول بها في مُعظم دول العالم، فمنظمة الصحة العالمية دعت لتشجيع تداول وكتابة الأسماء العلمية، ولم تمنع كتابة الأسماء التجارية.
نحن بمثل هذه الخطوة كمن يقفز للأمام هروباً من مشكلة ليقع في مشكلة أكبر، فالصيدلي لن ينصح المريض بشراء الدواء الأقل سعراً، وسيحاول الترويج للدواء الأكثر ربحاً من ناحية تجارية مُستنداً على الاسم العلمي، وهو ما سيجعل الصيادلة يتنافسون على حساب المريض للترويج لشركات معينة تبعاً للعمولات والنسب التي تمنحها هذه الشركات، بينما نار الأطباء وتعاملهم بالاسم التجاري سيكون أقل ضراراً على المريض حتى لو كان هناك مثل هذه المُمارسات، وهذا ما ستكتشفه الوزارة حتماً مع بدء تطبيق الخطوة كما حدث في الكثير من البلدان الأخرى التي اعتمدت الاسم العلمي وعانت من وقوع أخطاء علاجية.
الأمر يحتاج إلى تثقيف المرضى وإرشادهم مع وجود ضمانات ومُراقبة تلزم الصيدلي بتقديم كافة الخيارات للمريض بين الاسم التجاري والاسم العلمي، والحل برأيي يستوجب تشجيع الطبيب - في هذه المرحلة على الأقل - على كتابة الاسم العلمي ومنحه فرصة ترشيح اسم تجاري، فهذا يبدو أقل ضرراً.
وعلى دروب الخير نلتقي.