مها محمد الشريف
في القدرة الإنسانية مسائل يمكن تحملها وحصرها، ومسائل أخرى تتخطى قدرات التحمل والحصر ومن الصعب إيجاد الحلول لها، لهذا تؤمن الدول الغربية بفشل معظم القضايا العربية لأنها معقدة ويشوبها خيانة من البعض للضمير وخيانة للواقع تقتضي التنفيذ والتطبيق في دهاليز مظلمة، ومع تطبيق القانون الأمريكي الخاص بتجفيف منابع تمويل حزب الله.
يعيش لبنان ظروفًا اقتصادية صعبة حيث جمع بين عدة قضايا جميعها تفقده توازنه الاقتصادي خاصة الجزء الأكثر أهمية منها عزوف دول الخليج عن استيراد ثلثي منتجاته الزراعية والصناعية، وضعف السياحة بعد قرار دول مجلس التعاون الخليجي بمنع مواطنيها من زيارة لبنان، مما أفقد لبنان مصدرًا مهمًا للدخل الموسمي من السياحية الصيفية.
فهل تدرك الحكومة اللبنانية وحزب الله العقوبات الاقتصادية الأمريكية المدعومة عربيًا ولبنانيًا، أم ستتغير الأمور بخيارات أخرى تناقض المسارات المأمولة ويسحب حزب الله ودائعهم من البنوك اللبنانية لينهار الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من انتكاسة اقتصادية عنيفة بعد انخفاض مستوى النمو إلى صفر حسب تصريح رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام؟
وهذا يعني أن العقوبات الأمريكية ستنهض مجددًا ضد هذه المنظمات ومن يتعامل معها وسيكون لقطر نصيب من هذه العقوبات، ففي كل زمان ومكان لحزب الله وحلفائه تاريخ أسود وأعمال وحشية وسيطرة كاملة على حدود ومصارف لبنان وضجيج سيسمعه العالم.
عندما قدم مشرعون أمريكيون تشريعًا الأسبوع الماضي يهدف إلى زيادة العقوبات المفروضة على حزب الله من خلال زيادة تقييد قدرته على جمع الأموال والتجنيد وزيادة الضغط على البنوك التي تتعامل معه.
وبناءا عليه أثار مسؤولون في لبنان مخاوف من أن الجهود الأمريكية لتوسيع العقوبات على حزب الله قد تضر بالقطاع المصرفي نظرًا لنفوذ الجماعة الواسع في البلاد. ولم يجد سعد الحريري بدًا ولا منفذًا غير بذل مزيد من المحاولات مع الكونجرس كي يتوصل إلى تفاهم بشأن القرار في الكونجرس على حزب الله.
مهما كانت إشادة الرئيس الأمريكي بجهود لبنان بحماية حدوده لمنع تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتشددة، لكن لن تكون حالة اهتياج مؤقتة كما يحسبها ويتخيلها السيد ترمب لأن لبنان محاصر تحت الأنقاض منذ زمن طويل ولن يكسب موطئ قدم لحلول سريعة، وتحريك الدعم من الولايات المتحدة يحتاج حلولاً جذرية تعالج أزمة اللاجئين السوريين وإيقاف نشاط حزب الله الإرهابي وسيطرته المطلقة على اقتصاد لبنان، والمطالبة من الدول المتضررة بمحاكمة هذه المنظمة للجرائم التي ارتكبتها والتهديدات التي شكلتها عصاباتها في المنطقة والاغتيالات التي نفذتها.
ومن الواضح أن المساعدة الأمريكية والبريطانية بمئات ملايين الدولارات للجيش اللبناني تسهم في ضمان شرعيته كمدافع عن لبنان، ولم يحدد ترمب مستوى الدعم الجديد من الولايات المتحدة، بينما تشير بعض الرسائل من رئيس وزراء لبنان سعد الحريري عن مشكلة إقليمية مسيطرة على أجندة الدولة تضيق الخناق عليه وتبرم الصفقات مع منظمات وميليشيات إرهابية أخرى خارجية تدعم بشار الأسد ضد شعبه من ناحية وتعول عليها إيران كثيرًا في المنطقة لكي تلعب أدوارًا مزدوجة.
لكن المفزع هنا الأيدي الخفية التي تعبث بأمن لبنان والخليج عبر قطر ودعمها المروع المقسم للدول والمشتت لاستقرار الشعوب حتى تتنفس اليأس والضياع وتختبئ خلف خيانة الأمانة، لكي تمد جسورًا من التواصل معهم ضد أوطانهم وتجمع بين الحوثيين والإخوان وحزب الله لتنظم صفوفهم وتجييشهم ضد السعودية.