د. خيرية السقاف
لمَ لا يكون الآخرون هم النعيم؟!..
بمعنى نعيمك, ونعيمه, وسعادتك, وسعادته, وسلامك, وسلامه, وأمانك, وأمانه..؟!
ثم هل هي الحقيقة كما قال أحدهم يوما ما -لا أتذكره- إن "الآخرين هم الجحيم"؟!
بمعنى أن من هو خارج عنك جحيمك, ومن هو بالتالي خارج عنه جحيمه..؟
ربما ذلك القائل, قد قال شيئا مهمِّا من الحقيقة..
إذ يبدو تتمثل في الزمن الراهن مقولته بشكل وبآخر, حيث إن الآخر في الراهن
هو مصدر الإحراق..
قلقك, وما يلم بك من الفوضى, والعبث, وما ترى من اختلال الموازين, وتداخل المفاهيم, وتوجس النفوس, وغموض المصطلحات, وشتات الحلقات, وتربص النوايا, وذهول الطيبين, وخوف الضعفاء, وتمرد المجرمين, وتصدع القوانين,....
والشتات... الشتات!!..
وكل هذا الذي يكون من هذا الآخر معك خارجًا عن ذاتك,
هو فيك عند الآخر وخارجٌ عن ذاته,
فما في هاجسك عنه, هو ذاته في هاجسه عنك أيضًا!!..
أنتما لبعضكما الجحيم!..
فالتمحور حول الذات, بالسطو على راحة الآخر, واستلاب سعادته من أجل هذه الذات فيك,
وفيه هو شقاء الإنسانية لا نعيمها..
في وقت تتعالى المناداة بفضائل الإنسانية, وركائزها,
وبالفتك بكل ما يغضُّ الطرف عنها, والقضاء على ما يقيدها, ويطغى على حريتها, وحقها, والمناشدة بإقرار, وإحقاق أيسر موجبات حياتها في نماء, وسلام, وأمان..
وهذا بالفعل غير مهيأ كما ينبغي للإنسان المعاصر البتَّة..
لا فيك, ولا فيه, في واقع هذه الحياة!!...
فمن المسؤول غير أنت, وغير هو؟!