عماد المديفر
ليس من الصعوبة بمكان تحليل سلوكيات تنظيم الحمدين وتميم، السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والإعلامية والدبلوماسية خلال هذه الأيام الكاشفة..
إذ أظهر على لسان قياداته كمية النفاق الذي كان يمارسه علينا هذا التنظيم طيلة السنوات الماضية، عن قصد وسوء نية.. وخبث طوية.. ليس ابتداءً من تحركات قطر المجرمة والدنيئة على الساحتين السورية والعراقية، ولا انتهاءً بخيانتها لنا على الساحة اليمنية، وما سبقه كذلك من تحركات غادرة في لبنان وفلسطين.. عدا عن الاختلاف الظاهر والتضارب المكشوف في مصر وليبيا وغيرها..
وإذا ما أخذنا مشاركة قطر العسكرية معنا في عاصفة الحزم، داخل مركز العمليات، وفِي الميدان.. ثم التصريحات التي خرجت من وزير الدفاع القطري ذاته بعد طرد قواته من الميدان.. والتي جاءت بمثابة اعترافات.. لتكشف لنا بجلاء عمالتهم للعدو.. وأنهم لم يكونوا سوى عين للتجسس وتمرير المعلومات للميليشيات الإرهابية في اليمن.. سواء أكان الحوثيون وعناصر حزب الله اللبناني في اليمن، أو حليفهم الميداني.. تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
كما كشفت التحركات والخطابات والتصريحات القطرية، أنّ النظام القطري الموجود حالياً في السلطة حين وقّع أميره تميم صاغراً على التعهدات في الرياض عامي 2014 و 2015؛ كانت نيته مبيتة أساساً للغدر والمراوغة والخداع.. والاستمرار في ذات المخطط الإجرامي الخبيث الذي يستهدف أمن ومصالح المملكة العربية السعودية ويستهدف هويتها وعقيدتها وكينونتها بالدرجة الأولى.. وأن تلك الابتسامات والقبلات.. و «حب الخشوم» يخفي خلفه قلباً أسود مخبثاً يبيت الخيانة.. لكن مع تغيير التكتيكات وجعلها أكثر «نعومة» و»انسيابية».. ليصدق عليها المثل المصري الشعبي: «ميَّة من تحت تبن».
لقد جاء خطاب تميم بن حمد آل ثاني الأخير كاشفاً لتلك الحقيقة التي ظل ينكرها البعض، لا لشيء إلا لكونهم يرددون أن لا مصلحة لقطر.. قيادة وشعباً .. للتورط بهذا الطريق المظلم الذي تسير عليه منذ عشرين عاماً ونيف.. وقد صدقوا دون شك.. أقول إن خطاب تميم هذا قد جاء كاشفاً لتلك الحقيقة التي تقول بأن القيادة في دولة قطر ليست أبداً قطرية.. ولا تمت لقطر ولا للقطريين - بما فيهم أسرة آل ثاني - بصلة.. وأنها غدت، مُذ انقلاب حمد بن خليفة على والده، رهن قوىً أجنبية.. هي ذاتها التي أجبرت «الأمير الوالد حمد بن خليفة» للتنازل عن الحكم لـ «الأمير الولد» تميم بن حمد.. بعد أن فاحت رائحة الأول.. وانحرق كرته مع خروج ذلك التسجيل التآمري القذر.. الفاضح له مع معمر القذافي.
لقد كشف ذلك الخطاب المهزوز، بشكل جلي، مكامن الخوف والخشية لدى القيادة القطرية من تأكيد انفضاح أمرها بدعم الإرهاب والوقوف خلفه وتوظيفه.. ومن أثر المقاطعة مالياً واقتصادياً عليها إذا ما استمرت هذه المقاطعة لوقت طويل.. وهو ما أصبحت تلمس نتائجه. وخوفها من شعور المواطن القطري بالعزلة والغُربة عن محيطه الخليجي والعربي بسبب سياسات بلاده وتورطها في دعم الإرهاب.. وما تسببت به هذه القيادة الساقطة أخلاقياً من جعل المواطن القطري محل شك وريبة نتيجة تجنيسها لعملاء وإرهابيين كُثر.. ليحملوا الجنسيات ويتمتعوا بذات المزايا التي يتمتع بها القطري الأصيل في التنقل داخل دول مجلس التعاون بكل يسر وسهولة.. والتملك والاستثمار.. وبالتالي توظيف هذه المزايا في القيام بعمليات التجسس والإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار داخل منظومة دول مجلس التعاون.
اليوم؛ لم تعد قطر تعول على أشقائها العرب.. لسببين: الأول أنهم كشفوا وبالأدلة الموثقة الدور الإرهابي والتخريبي الذي يقوم به تنظيم الحمدين ودميتهم «تميم».. إذ لم تعد تنطلي عليهم ألاعيبه. والسبب الثاني: أنه ليس في نية تنظيم الحمدين - وربما ليس بمقدورهم - التوبة.. والكف عن الدور التخريبي والتوقف عن دعم ومساندة الإرهاب. لذا نجد القيادة القطرية تستنجد وتعول بشكل كامل ووحيد على الأجنبي في إنقاذها مما هي فيه.. على أمل الضغط على الرباعية العربية.. وهو ما كشفه بوضوح خطاب تميم الذي يستجدي فيه الغرب والشرق.
اليوم؛ تسعى القيادة القطرية في محاولات بائسة يائسة لتصور للعالم بأن ما يجري هو لمجرد «خلاف سياسي» بينها وبين دول مجلس التعاون.. مروجة أن الأخيرة تريد « التدخل في شؤونها السيادية السياسية» بحسب زعمها.. وخوفاً من «منبر الإعلام الحر» و «حرية الإعلام».. في إشارة دعائية لقناتها «الجزيرة» .. منبر الإرهاب. إلا أن الموضوع ليس ذلك تماماً.. إذ هو يمثل مفترق طرق بين الإرهاب والسلام. ويوماً بعد يوم، يتأكد لنا أن قطر بنظامها القائم حالياً، تلعب لعبة أمنية خطرة جداً.. معتمدة على انسيابيتها ونعومة تحركاتها داخل البيت الخليجي والعربي والإسلامي بشكل عام.. لتشكل طابوراً خامساً للعدو.. هي لعبة أكبر بالتأكيد من حجم قطر وتاريخها.. تهدد بها أمنها قبل أن تهدد بها أمن الآخرين.. وتتلاعب بأمن الخليج العربي واستقراره وأمن العالمين العربي والإسلامي برمته لخدمة مصالح تنظيمات إرهابية إسلاموية، وفِي مقدمها نظام الولي الفقيه في طهران والتنظيم الدولي للإخوان المفلسين.. واللذين يرى كثير من المحللين بأنهما هما من يحكمان قطر فعلياً اليوم .. إلى اللقاء.