د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
فتحت بلادنا فضاءات رحبة لبناتنا، ومنحتهن شارات البدء نحو النهايات المبهجة، وبقي الشرع المطهر محمولاً وافراً اتكأت عليه نحو دعمهن ليسلكن فجاج التنمية، ويتقاسمن مع الرجال كل الممكنات؛ حتى جاء إقرار تطبيق التربية البدنية والصحية في مدارس البنات من العام المقبل، ليصنع توجها، ويشق مسارات جديدة، ورحلة التعليم مع قطار التربية البدنية والصحية الجديد، حتماً ستكون رحلة مثيرة؛ وسوف ينتج عنها لقاء مثير بين العقل السليم والجسم السليم اللذين طال الفراق بينهما في بيئات تعليم البنات، حيث إنها احتياج صحي ونفسي وبدني، وستكون على المستوى العام إسهاماً مجزياً في منح الصحة العامة أهمية ملزمة، وبعيداً عن الإشادة بكل بداية داعمة لبناتنا؛ فسوف أطرح رؤى حول التطبيق المنتظر لأن الجوانب الإجرائية للقرار تحتاج إلى بلاغات واضحة؛ فالموضوع منذ عهود متعاقبة ما فتئ يجوب الأنحاء؛ ففي القريب الفائت عندما غادر سمو الأمير خالد الفيصل فضاءات التعليم وقد تجذرتْ لسموه مكانته فيها، كان سموه قد أقر التربية البدنية في مدارس البنات، وسموه من يقول ويفعل؛ وما لبثت أن توارت بالحجاب.. وقد كانت مواقف بعض وزراء التعليم نضالاً وجدالاً حتى تجلت اليوم.
وكشفُ الحسابات السابقة نحو الموضوع يمحو من ثقافة المجتمع ما توارد من أن التربية البدنية للبنات بدع خارج شرعنا المطهر، وتثبتُ أن القرار جاء مبشراً ووفيراً. وأعلمُ أنه ليس من الحكمة أن نشرع في تحرير خطاب اللوم عن تاريخ مضى لم تُشرّع فيه التربية البدنية للبنات، وإن كنا مازلنا نخشى أن يأكلها الذئبُ ونحن عصبة!!.. ولكن علينا أن نتحمّل جميعاً مسؤولية تنفيذ القرار، وأن يُستثمر القرار إعلامياً للتأكيد على أهمية التربية البدنية لجميع الفئات ولكلا الجنسين. وباعتبار آخر وهو أن التعليم وخططه وممكناته مناصفة بين البنين والبنات في كل شئونهم؛ بل ومشاركة كفلتها السياسة التنظيمية.. وأن يُدعم القرار التنفيذي بإضافات تاريخية تحقق قوة القرار، وصواب إطلاقه، وسلامة تنفيذه، ومن ذلك أن وزارة التعليم لم تعتبر تطبيق الرياضة البدنية للبنات بالمصطلح الصريح الأقوى في المدارس الأهلية منكراً من الفعل وزوراً!.. ولم ترصدها مخالفة نظامية توصد بموجبها بوابات المدارس، بل كانت التّربية البدنية مفخرة لتلك المدارس، ومؤشراً لتفوقها في النشاطات المدرسية، وجاذباً لها من قبل المجتمع.
ولتأسيس القواعد للقرار الجديد لابد من الالتفات إلى الخبرات المحلية المنتمية، والنظر ببصيرة وانتقاء إلى منصات التطبيق القائمة سواء ما كان منها في قطاع البنين أو تعليم البنات في المدارس الأهلية، وكذلك الرجوع إلى خطط الجامعات في أقسام التربية البدنية والاستفادة القصوى لدعم القرار، والاستفادة أيضاً من الخبرات المنتمية عالمياً دون استنساخ.
ومن ممكنات التنفيذ الحافزة أن لا تكون منصات التشريع براقة والجماهير غائبة عن صناعة القرار؛ وأن لا يُسطّح واقع التنفيذ فتختزل أوقاتها، وبالتالي تُعلّق برامج التربية البدنية مثلما تُعلّق الدراسة عندما تهب نسائم الخمول المدرسي في بدايات العام الدراسي ونهاياته ولذا فإن إعادة النظر في الأنظمة القائمة ومراجعتها لدعم القرار بما يحقق أهدافه وأن يأخذ نشاط التربية البدنية خطة مجزية من اليوم الدراسي، ومن هنا تأتي أهمية مد اليوم الدراسي بما يتيح مساحة كافية للتطبيق المتكامل،كما نأمل أن لا يحيط التطبيق التقليل من أهمية التخصص حتى لا تكون البدايات هشة معوجة، وأن لا تعيد وزارة التعليم الهدر على التأهيل في غير أهله، ويمكن الاستفادة من بعض التخصصات الأقرب لسد الاحتياج مثل العلاج الطبيعي والتثقيف الصحي، ومن ثم إقرار البرامج الأكاديمية في ذات التخصص تأسيساً على المثل الأنيق الذكي: (أَعْط القوس باريها).