د. محمد عبدالله العوين
أثار وصف الرئيس ترامب «حزب الله» اللبناني بأنه إرهابي وخطر على منطقة الشرق الأوسط، ووعده بفرض عقوبات شديدة على الحزب ردود فعل إيجابية واسعة.
وقال: إن الحزب يمثل تهديدا وخطرا على لبنان من الداخل، وإنه يتظاهر بحماية المصالح اللبنانية؛ ولكنه في الحقيقة يسعى لدعم مصالح إيران.
وتعهد الرئيس الأمريكي بدعم الجيش اللبناني؛ باعتباره الضمانة الوحيدة لأمن لبنان، وبتحريك المساعدات السعودية الموقوفة للجيش؛ بسبب عدم الاطمئنان من تسربها لأيدي الحزب الإرهابي.
ما العقوبات التي ينوي ترامب فرضها على حزب الشيطان؟!
لم يتسرب شيء عنها بعد، وعسى أن تكون العقوبات حاسمة شافية للداء اللبناني المزمن الذي بدأ الحزب في نخره بالجسد اللبناني منذ عام 1982م بعد تكوين مليشياته وكوادره كباكورة مرة من أعمال تصدير ثورة الخميني الإرهابية.
لقد انتقد الرئيس ترامب مواعيد سلفه أوباما التي كان يصفها بالخطوط الحمراء بعد أية مجزرة يقترفها بشار خدين حزب الله وشريكه في الإجرام، وقال: إنها خطوط حمراء على الرمال!.
قد يكون ترامب جادا في معالجة أخطاء سابقيه من الرؤساء الأمريكان الذين تغاضوا أو دعموا التوجهات الخمينية في المنطقة وسهلوا لها بناء ميلشيات وإنشاء أحزاب وغضوا الطرف عن التمويل والدعم والتدريب وبناء الأنصار على أسس طائفية ضيقة موالية لإيران في البحرين واليمن ولبنان وسوريا والعراق؛ مما هيأ الفرصة لأن تنشئ إيران خلال ثمانية وثلاثين عاما من ثورتها الشوفينية أذرعا طويلة ممتدة منظمة تنظيما حزبيا ومدربة تدريبا عاليا في البلدان المذكورة؛ وكأن ثمة حلفا سريا تم إبرامه بين الرؤساء الأمريكان والعمائم الكهنوتية في طهران وقم بإتاحة الفرصة لهم للتمدد والسيطرة على المنطقة العربية متقاسمة الهيمنة النصف بالنصف مع الدولة الإرهابية المدعومة هي الأخرى من أمريكا: إسرائيل.
هل يمكن أن ينقض ترامب ما تحالفت عليه الرئاسات الأمريكية مع إيران بغض النظر عن التمثيليات المسرحية المصطنعة بين الحين والآخر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تمثيلية الاتفاق النووي؟!
وهل يمكن أن ينقض ترامب مقولة إن أمريكا دولة «مؤسسات» لا تسير على رؤى فرد أو حزب حاكم؛ بل تنهج وفق رؤية بعيدة المدى ولا يمكن أن يغيرها أو يبدلها رئيس فرد مقتنع برؤية مختلفة؟!
نأمل ونتفاءل ألا ترتهن أمريكا في كل الأحوال لهيمنة «المؤسسات» ومراكز البحث؛ لأن تلك المؤسسات في حقيقتها منشأة وقائمة على اليمين المسيحي المتطرف أو المتصهين ومشتراة برأس المال اليهودي والفارسي كما يعلم الجميع، وليست رؤية أية مؤسسة صحيحة قطعا من حيث المبدأ، فقد تكون المؤسسة المدنية التي تتظاهر بالعلمية والبحثية والتجرد والموضوعية مزيفة وتنتهي إلى أحكام مزيفة بطبيعة الحال، كما هو الشأن في معظم مراكز البحث الاستراتيجية الأمريكية، والشواهد عليها من الرموز والمخرجات لن تسعها مساحة هذا المقال.
وبالعودة إلى الحزب الشيطاني الذي لم تكتشف أمريكا -مع الأسف- أنه إرهابي إلا بالأمس؛ هل سيستسلم للقرارات الأمريكية المعاقبة التي توعد بها ترامب؟ وهل يمكن أن يتنازل عن سدة حكم لبنان؟ أو عن الإمساك الحقيقي بدفة الجيش اللبناني وتوجيهه الوجهة التي يريد؟ أو بالتحكم بمفاصل الدولة اللبنانية من جمع القمامة إلى انتخاب مجلس النواب إلى تشكيل الحكومة إلى انتخاب رئيس الدولة؟!
هل سيتنازل عميل إيران الحاكم الفعلي للبنان حسن نصر الله عن سدة الحكم للحاكم الصوري ميشيل عون بعد العقوبات الأمريكية الموعودة؟!
وهل سيجرؤ الجيش اللبناني أو الرئيس يوما ما في المستقبل أن يقرر - وحده -ضرورة أو عدم ضرورة تحرك الجيش - لا الحزب - لتطهير منطقة ما من النازحين الهاربين من جحيم الحرب في سوريا الذين يراهم الحزب الشيطاني نصرة وداعشا ويراهم العالم مواطنين سنة هاربين من الجحيم؟!
نأمل أن يعود لبنان حرا كريما مستقلا، وأن يكون دولة واحدة لا دولتين، وجيشا واحدا لا جيشين، ورئيسا واحدا لا رئيسين.