د. أحمد الفراج
يقول المثل: «احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة»، ويقول الفيلسوف والسياسي الشهير أوسكار وايلد: «الصديق يطعنك من الأمام»، ويقول المثل الإيرلندي: «من الأفضل أن يكون أمامك أسد مفترس على أن يكون وراءك كلب خائن»، ولا نكاد نحصي مثل هذه المقولات، التي تتحدث عن عمق خطر خيانة الصديق، فنحن نعرف أعداءنا، وبالتالي نحذر ونأخذ احتياطاتنا منهم، لكن عندما يتقمص الصديق دور العدو، فإنه يستطيع اختراقنا، وإيقاع أقصى الأضرار بنا، دون أن نعرف ذلك، إلا بعد فوات الأوان، وهذا يلخص حكايتنا مع حكام قطر، منذ أن انقلب حمد بن خليفة على والده، وبدأ مشروعه التآمري ضد بعض جيرانه في الخليج، وهو الذي تقمص أدوارا أكبر منه بكثير.
كانت قطر تحضر اجتماعات جيرانها الخليجيين، ثم تستخدم ما يتوفر لها من معلومات لإيقاع الأضرار بهم، كما كانت تستمرئ المناكفات، والسير عكس التيار، وتسببت في تعطيل كثير من المشاريع السياسية الخليجية، وذلك قبل أن تصل الأمور لحدها الأقصى، وتقرر المملكة والإمارات والبحرين مقاطعتها، وهو القرار الحازم، الذي لا تنوي دول الرباعية التراجع عنه، أو قبول أي وساطة فيه، تحت أي ظرف، ما لم ترعوي قطر، وتعود إلى رشدها، وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال، فكل ما يصدر عن حكام قطر، ومعاونيهم من شذاذ الآفاق، من الإسلامويين وبقايا القومجية العرب، يوحي بأنهم في حالة إنكار وتخبط وتناقض، ومن هذه سلوكياته لا يمكن أن تتم الثقة به، ويجب التعامل معه على أنه عدو، حتى يمكن أخذ الحذر منه، والتعامل معه وفق استراتيجيات التعامل مع الأعداء.
لو استمرت المملكة وحلفاؤها في تحمل إساءات حكام قطر، ومحاولاتها لاحتواء ذلك، مرة عن طريق الوساطات، ومرة عن طريق التعهدات، لما تكشفت لنا كثير من السلوكيات القطرية، والتي لا يفعلها إلا عدو، إذ كانت تجري سرا، ثم أصبحنا نراها علنا، بعد قرار المقاطعة، وهذا بحد ذاته انجاز، فلم نعلم حجم العلاقة الوثيقة لقطر مع عدو الخليج الأول، أي إيران، إلا بعد المقاطعة، والتي كانت سببا أيضا في كشف علاقة قطر بحزب الله الإرهابي، كما أعلن أحد مرتزقة قطر عن تبعية معظم منصات الإعلام المشبوهة لقطر، وهي التي كانت تنكر ذلك قبل المقاطعة !، وهنا يتوجب أن نذكر بأن قرار المقاطعة جعل قطر تعلن عداءها لنا، وهذا أفضل ألف مرة مما لو استمرت صديقا يمارس دور العدو، فعلى الأقل نعرف الآن مع من نتعامل كما هو، لا كما نريده أن يكون، وبالتالي نتعامل معه بحذر، ولا يهم إن استمرت المقاطعة مدة طويلة، طالما أنه تم فرز الصديق من العدو، فبقاء المقاطعة أفضل من التعامل مع عدو بلباس صديق!.