سعيد الدحية الزهراني
قبل أكثر من 15 عاماً جئت إلى صاحبة الجلالة وهي ما تزال شابة جذابة وفاتنة بسحرها الطاغي إيقاعاً وارتقاباً وإنتاجاً وتتويجاً وأثراً وثراءً متناً وهامشاً وتفريعات ومنعطفات وامتدادات تتوالد بفرح شهي شيق.. وحياة كاملة مفعمة بالضوء والنضارة والركض المر المستطاب.
اليوم حين أزور قصر السيدة الأجلّ وأتتبع سيرها الثقيل وخطواتها البطيئة.. أجد شيخوخة واضحة فشلت مساحيق التجميل في إخفاء معالمها وطمس ندوبها.. أو محو تجاعيد السنين على وجهها الذي كان آية الزمن المنصرم وفق أمير الشعراء..
كانت الصحافة يوم أن كانت «شغفاً» يومياً للصحافي والقارئ؛ خبراً ورأياً وكاريكاتيراً وصوراً ومضامين ومحتوى تلتقطه الأكف رغيفاً للعقول صباح كل يوم لا يستقيم إلا بالصحيفة أو الجريدة كما يحلو لمحبي فاكهة النهار..
ولأن دوام الحال من المحال.. بل إن دوام الحال من العلل التي تعني الجمود والتكلس والموت.. تراجع مراتب الصحافة في سلم أولويات الناس وقوائم اهتماماتهم تبعاً لقانون الإزاحة والإحلال الذي ينتهي بنا إلى حتمية التسليم للأسهل والأسرع والأيسر.. بعيداً عن ما قد يترتب من انعكاسات سالبة أياً كان مستواها.. فالواقع يشير اليوم إلى «أمة شبكات التواصل الاجتماعي» التي سيصبح عددها بعد أشهر معدودة ـ أي في بحر العام المقبل 2018م ـ أكثر من مليارين ونصف المليار..
أستعيد فيما أستعيد من هذا النبض والنبش في الذاكرة القريبة ـ وكم جعلتنا ماكينة الاتصالية الإلكترونية الجديدة السريعة المتسارعة كثيري الذكرى والتذكر ـ وجوه زملاء أوفياء وأصدقاء نبلاء تشاركنا معاً خبز الكتابة والصحافة بل وعلموني بكرم شامخ أسرار المهنة ومفاتيح أبجديتها.. ثم ودعونا صحافياً.. ومنهم من بقي كاتباً هنا في الثقافية أو عبر الجزيرة الأم بكتاباته المقالية في حقل الرأي.. الزملاء الأصدقاء؛ الأستاذ عبدالحفيظ الشمري والدكتور محمد الدبيسي والأستاذ تركي الماضي والأستاذ علي القحطاني والأستاذ فيصل العواضي والأستاذة فوزية الجلال.. لهم ولغيرهم من زملاء الهم والمهنة في الحقل الصحافي الكبير الشكر والوفاء وسيظل جهدكم شاهد إسهام في كتاب المعرفة الكبير..