قاسم حول
ينعقد بين الثاني عشر وحتى التاسع عشر من شهر أغسطس - آب من هذا العام 2017 المهرجان الدولي لفيلم الهواة في مدينة قليبيا التونسية في نسخته الحادية والثلاثين. وهؤلاء الهواة ليسوا فقط من هواة السينما في تونس، بل أن المهرجان يتعدى حدود تونس نحو هواة السينما في العالم، أولئك الذين لم يدخلوا بعد قاعة المحترفين ومهنة الاحتراف السينمائية. بعضهم يعمل بكاميرات حرفية، والكاميرات باتت جميعها تكاد أن تكون حرفية، فإن جيل الكاميرات القديمة قد انتهى، وتتوحّد الكاميرا في شكلها حجمها وحتى قيمتها المادية. كذلك الأصوات وبرامج الأصوات وبرامج المونتاج جميعها يوفرها الحاسوب للسينمائي. ولكن هواة السينما هم الذين لم يكتسبوا حرفة السينما أكاديميا، وهم يبحثون في صيغ غير تقليدية للسينما، وأغلب أفلامهم قصيرة، يندر أن تشاهد فيلماً طوله ساعة. وهذه الأفلام القصيرة تحتم الموضوعات التي تتناسب والفترة الزمنية الدقائقية أحياناً.
تجربتي مع هذا النوع من الأفلام طويلة ومشاهداتي العالمية كثيرة. وهذه الأفلام توحي بالأفكار غير التقليدية والأشكال السينمائية غير التقليدية، فمخيلة المبدعين المجددين تأخذ مساحات إبداعية سيما مع حرية التعبير في العالم. وفي الدورة التي تحمل الرقم (25) ترأست لجنة التحكيم المتخصصة في الأفلام غير التونسية المشاركة من أنحاء العالم. وفعلا شاهدت تجارب جديدة غير تقليدية من الأفلام السينمائية.
هذا النوع من المهرجان ورعاية هذا النوع من الأفلام هي مشروع مخرجي المستقبل، فالمخرج يلمس العلاقة بين ذاته وبين المتلقي. وتونس عرفت في تاريخها الثقافي بنوادي السينما التي أسهمت وبجدارة في خلق جيل سينمائي يتميز بوعي التلقي ووعي المشاهدة، لذا فهو مؤهل لمثل هكذا مهرجانات.
الدورة الخامسة والعشرون التي شاركت فيها في التحكيم عرفتني بحجم الجمهور الذي كان يحضر هذا المهرجان، لم يكن جمهور قليبيا وحدة هو الجمهور المشاهد، بل إن المشاهدين كانوا يأتون للمهرجان من الضواحي ومن المدن القريبة، وبعضهم من العاصمة التونسية. البلدان والمخرجون المشاركون من أنحاء العالم بأفلامهم وتجاربهم، تعكس طبيعة الحياة في الغرب وما يعانيه الإنسان هناك، فالسينما هناك أمام مجتمعات لها مشكلاتها المتعلقة بطبيعة التطور، فيما السينما في بلداننا تعكس واقعاً لا يزال يتسم بالتأمل الصحراوي والريفي، وهو يعاني من مشكلات اقتصادية وبالضرورة اجتماعية، وسوف نرى في المهرجان عشرات الأفلام التي تطلعنا على كل مشكلات العالم، والأهم أن صيغ تلك الأفلام واشكالها الفنية هي الأهم والتي تتيح للمنتج والمبدع والمصور والكاتب فرصة كسر المألوف والتقليدي في السينما، وسوف نوافي قارئ ثقافية صحيفة الجزيرة بكل المعلومات والمنافسات من المهرجان الدولي لفيلم الهواة في قليبيا.
ثمة مهرجانات في العالم موازية لهذه السينما وأيضاُ موضع اهتمام بلدان العالم، لأن مثل هذه المهرجانات تشبه الأكاديمية التجريبية التي منها ينطلق المخرجون نحو الحرفية، والحرفية العالية في السينما. ومن هذه المهرجانات مهرجان «أتيودا» في مدينة كراكوف البولندية. ولقد بدأت مثل هذه المهرجانات تغزو البلدان العربية. وهي تستوعب التجارب الفردية لأن كثيراً من المخرجين الذين يمكن أن نطلق عليهم «الهواة» أصبحت لديهم كاميراتهم «غير مرتفعة الثمن» وقريبة من الحرفية، أو الحرفية الكاملة وفي بيوتهم حاسوب أفضل بقليل من الحاسوب البيتي والشخصي والذي يحتوي على برامج المونتاج والعمليات اللاحقة .. وبهما ينفذ السينمائي الجديد فيلمه ويشارك في المهرجانات المتخصصة بأفلام الهواة والأفلام القصيرة والتجريبية. أما موضوعات الأفلام، فهناك مقولة مفادها «الموضوعات مرمية على أرصفة الشوارع، فقط أن تعرف كيف تتناولها»!