د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
هذه الحلقة الخامسة من التعريف بموضوعات الندوة العلمية التي نظمها قسم اللغة العربية في جامعة القصيم يوم الأربعاء 14 شعبان 1438ه، بعنوان (التحكيم العلمي بين الموضوعية والذاتية).
في أثناء حديث الدكتور محمد بن سعيد الغامدي عن الرسائل العلمية طلبت من زميلي وصديقي مدير الندوة الدكتور فريد الزامل أن يسجل اسمي مداخلًا لأهمية موضوع الرسائل ولأهمية ما أثاره المحاضر.
بدأت بالثناء على أستاذنا الغامدي وشكرته لمعالجة هذا الموضوع ثم ذكّرت باللقاء الأول الذي استضافته كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، وهو الاجتماع الأول لعمداء كليات وأقسام اللغة العربية وآدابها بالجامعات السعـودية يوم الخميس الموافق 21 – 5 – 1436هــ، وقد كان عنوان الاجتماع (الرسائل العلمية في أقسام اللغة العربية وآدابها)، ومحورها الأول عن (تشخيص الصعوبات التي يواجهها طلاب الدراسات العليا في اختيار الموضوعات) تحدث فيه د. عبدالله بن سرحان القرني من جامعة أم القرى، ومحورها الثاني (وضع مقترحات لتحسين عملية اختيار الموضوعات) تحدثت فيه أ.د. نوال بنت إبراهيم الحلوة من جامعة الأميرة نورة، ومحورها الثالث (المعايير الأساسية في قبول الموضوعات ورفضها) تحدث فيه أ.د. علي بن محمد الحمود من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومحورها الرابع (الآليات المتبعة في الحد من التكرار في الموضوعات والتأكد من جدتها) تحدث فيه د.خالد بن عايش الحافي من جامعة الملك سعود، وكان مما قلته مداخلًا في موضوعات ذلك اللقاء أنّه لا عبرة بالعنوانات بل بالمضمونات التي تحتها لأن كثيرًا من الأعمال تنهش موضوع العنوان ولا تفيه حقّه، وقال الدكتور الفوزان مداخلًا إن بعض الجامعات الغربية ترحب بإعادة بحث العنوان غير مرة وترى ذلك فرصة لمزيد من تعميق البحث وإكمال جوانب النقص فيه وتعدد الرؤية له، ومما اقترحته في ذلك اللقاء أن توسع موضوعات البحوث الجزئية التي تزوي قضية في نطاق ضيق هو بحاجة إلى مزيد بسط وتعميق. وعلى الرغم من ثراء موضوعات اللقاء ومداخلات الملتقين لم تتجاوز أعمالهم دائرة ذلك اللقاء فلم يفض الأمر إلى توصيات تعمم ويزود بها أعضاء هيأة التدريس في جامعاتنا، وظلّ الحال كما هو عليه، وظل الطالب يعاني من البحث عن موضوع جديد، وربما أفضى الأمر به إلى الانقطاع عن الدراسة وضياع ما كان تعب من أجله في فصول متعددة، والرسالة في برامج دراساتنا العليا هي جزء من متطلبات الحصول على الدرجة يوازي ست ساعات فقط، ومع ذلك ينال الطالبَ من النصب والمشقة ما يفوق سائر ساعات البرنامج؛ وعلة ذلك جملة من الأمور منها ما أشار إليه الدكتور محمد بن سعيد الغامدي حول مفهوم الجدة المطلوبة، ومنها غياب الحكمة والنصفة في معالجة بعض موضوعات الرسائل، وذكرت ما وقع في قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود، إذ تقدم طالب بفكرة موضوع تناسب عدد الاعات التي أشرنا إليها؛ ولكن لجنة النحو واللغة وسّعت دائرة الموضوع؛ ولذا سمت عنوان رسالة الطالب، وقبِل الطالب الاسم، وأعد مع مرشده الخُطّة، وعينت لجنة قراءة لها قرأت الخطة ووافقت عليها بعد إجراء تعديلات وتصحيحات، ولَمّا عرضت الخطة في مجلس القسم لإقرارها تفاجأ باعتراض مقرر لجنة النحو والصرف السابق الذي أنجزت الخطة يوم كان مقررًا، وزعم أن الموضوع قد درس وذكر أن ثمة عدد من الأعمال تناولت موضوع الرسالة، ولكن القسم لم يتوقف في ذلك وأقر الخطة مع تسجيل تحفظ الزميل؛ وتقتضي الأنظمة أن يوافي المتحفظ عميد الكلية بنسخة خطية من تحفظه وهكذا فعل الزميل، والأصل أن يُعرض التحفظ أثناء مناقشة موضوعات القسم في جلسة الكلية، ولكن عميد الكلية بادر بطلب الإفادة حول تحفظ الزميل، فأعيد التحفظ إلى القسم ثم إلى لجنة النحو واللغة التي اجتمعت من غير علم مرشد الطالب، وعينت لجنة للنظر في الموضوع ليس فيها مرشد الطالب، ولم توفق اللجنة المقترحة في قرارها إذ اعتمدت على نص تحفظ الزميل من غير تدقيق، إذ لاحظت أن ثلاثة عنوانات ذكرها الزميل عالجت موضوعات فصول الرسالة الثلاثة، واللجنة لم تتنبه إلى أن هذه العنوانات المذكورة لا توافق عنوان الرسالة الذي اقترحته لجنة النحو واللغة، ولم تتنبه إلى أنّ الأمر متعلق بالتصور المبدئي لفصول الرسالة، وهذا التصور يمكن أن يعدل ويغير بما يزيل هذه اللبس، واللجنة المصغرة حكمت بأن الرسائل الثلاث استغرقت الموضوع من غير أن تطلع على الرسائل ولا تعرف قيمتها العلمية واكتفت بعنواناتها، وهي أعمال إن كانت جيدة فهي روافد يمكن الاستفادة منها وقراءتها قراءة ناقدة وتدارك ما فاتها من نقص، ومهما يكن من أمر فإن التصور المبدئي يناله التغيير والتبديل حسب الحاجة، بل إن الباحث النابه ربما غير التصور المبدئي بعد أن يشرع في بحثه وتتبين له ومن مجريات البحث ما يقضي بذلك، بل قد يغير عنوان الرسالة وفاقًا لمجريات البحث، وهذا ما حدث في بعض الرسائل التي أشرفت عليها، وعلى الرغم من ردّ القسم لقرار اللجنة المصغرة وإعادته لمزيد من التدقيق لم توفق اللجنة إلى معالجة الموضوع معالجة تماثل غيرها من الموضوعات، وذلك بتغيير التصور المبدئي، وقضت برفض الموضوع رفضًا باتًّا من غير سبب مقنع للطالب ولا لمرشده الذي لم يلتفت إلى طلبه التنبه إلى أن العنوانات التي تضمنها تحفظ الزميل لا يوافق واحدٌ منها عنوان الرسالة البتة، وأنالتصور المبدئي يمكن تغييره جملة وتفصيلًا، ودفعت اللجنة بتقريرها إلى مجلس القسم ونقض القسم ما قرره سابقًا من قبول الموضوع، ومن يقرأ تقرير اللجنة لا يجد فيه إشارة إلى اختلاف موضوعات الاعتراض عن عنوان الرسالة.
قلت ذلك لأضرب مثلًا لغياب الحكمة في تناول موضوعات الدراسات العليا وتعنت كثير من أساتذة الأقسام وضيق أفقهم؛ ولذلك قلت في مداخلتي في هذه الندوة المباركة أن ثمة حاجة إلى إعادة تأهيل أعضاء هيأة التدريس، ومع ذلك يبقى الداء الذي لا دواء له وهو الهوى والتعصب.
وليس ما ذكرته هنا موافقًا كل الموافقة لنص مداخلتي في الندوة؛ لأن مجال القول فيها ضيق وثمة مداخلون آخرون يريدون الكلام، وتكلموا بما هو خير ونفع، ولمن أراد أن يسمع تلك المداخلات غضة بأصوات أصحابها وصورهم أن يرجع إليها بهذا الرابط.
https://www.youtube.com/watch?v=mlPzeZD5lwE