انتهيت من قراءة الروايات التي رُشحت للقائمة القصيرة في البوكر 2017 ما عدا رواية (موت صغير) التي قرأتُ بعضها؛ لأسباب سيأتي ذكرها؛ وفي هذا المقال سأكتب تعريفًا بها لمن يهمه الاطلاع العام حول هاته الروايات.
فما نلحظه في تلك الروايات أنها تنوعت بين ثلاثة مواضيع؛ روايتان منها عن الحروب في العراق؛ (بائع الكتب) في حرب العراق مع أمريكا و(السبيليات) في حرب العراق مع إيران، وثلاث روايات عن المهمشين في المجتمعات العربية (زرايب العبيد) عن العبودية، (في غرفة العنكبوت) عن المثلية الجنسية، (أولاد الغيتو) العرب في مقابل اليهود الصهاينة؛ أما رواية (موت صغير) فهي رواية تاريخية؛ وسيرة غيرية.
وعند النظر فيما يثير تفكيرنا حول هذه الروايات فإننا سنقف على العديد من القضايا التي ميزت إحداها عن الأخرى، فرواية (زرايب العبيد) نجد فيها سردًا عميقًا ومتمكنًا من اللغة؛ وفيها ذلك الغوص في حياة الرق من داخله النفسي والاجتماعي؛ وبحث عن الخلاص وفك الرقبة التي أسرتها السلطة. أما في رواية (بائع الكتب) فيطالعنا ذلك الإبداع الذي لم يمر علي من قبل في مزج الفنون؛ فالروائي يسرد لوحة فنية ببراعة مذهلة؛ حوَّل فيها اللوحة الفنية إلى سرد؛ وأدخل أدب الرسائل في ثنايا السرد. وفي رواية (السبيليات) يخيب أملنا في ذلك السرد غير المتمكن؛ فأضحت الرواية جملًا منفصلة عن بعضها يتخللها علامة(.)؛ وزاد الأمر سوءًا حينما لم يُعْطَ الموضوع حقه في الرواية عن حرب العراق وإيران. وفي رواية (في غرفة العنكبوت) تبهرنا الأحداث العميقة من داخل حياة مثليي الجنس؛ معاناتهم مع السياسي والاجتماعي بل مع ذواتهم؛ إنه صراع الذات النفسية مع الذات البيولوجية للإنسان. وأما رواية (أولاد الغيتو) فحاول الروائي تجديد السرد من خلال مخاطبة القارئ بأنه يحاول أن يكتب رواية؛ والتنقل بين عدد من الموضوعات التي يزمع الكتابة عندها كحياة وضاح اليمن التي توقف عن إتمامها؛ ولعلي أضع هذا السرد ضمن رواية (ما بعد الحداثة) الذي سأكتب عنه لاحقًا. وفي رواية (موت صغير) فنحن إزاء إشكال مع الرواية التاريخية من ناحية فكرية؛ فهي سيرة غيرية تاريخية لشخصية مهمة في الفكر الإسلامي لكن التخييل يسبب إشكالات في سرد الوقائع التاريخية؛ بيْدَ أن الروائي علوان لا ينفك إبداعه الشاعري وسبكه اللغوي في رواياته كافة.
وهذا المقال ليس نقدًا لروايات القائمة القصيرة للبوكر بل هو تعريف بها؛ ومحاولة إثارة التفكير في بعض الأفكار التي طرحتها حول هاته الروايات.
- صالح بن سالم