* والكلام بالطبع لهُ عِلمُ قائم بذاته فيقال عنه «علم الكلام» وربما لم يسأل البعض عن المُحصّلة النهائيّة لمن يطلق للسانه العنان دون التفكير في المآلات والعواقب.
* ما علينا
* لنفترض أن عمليّة الكلام بكل بساطة تتلخص في كونها رسالة «اتصالية» من مُرسل (المتكلّم) ووسيلة (لسان)، ومُتلق (المستمع) وفي بعض الأحيان (القارئ) أليس الكتابة شكل من أشكال الكلام؟
* أما الحذلقة فهي شأن آخر.
* صفة المتحذلق في معجم لسان العرب (متكيّس) وهو ذاك الذي يريد أن يزداد عن قدره وإنه ليتحذلق في كلامه ويتبتلع أي يتظرّف ويتكيّس. يعني باختصار هو دعيّ (دائري) المسلك الكلامي يبدأ بجُملةٍ وقد لا ينتهي بمحطّة وصول.
* الكاتب والمؤلف البريطاني السويسري المولد «آلان دو بوتون»(1969- ....) ناقلا القول عن أحد أشهر الكتاب الفرنسيين تأثيرًا في عصر النهضة الفرنسي «ميشيل دي مونتين» (1533- 1592): «كما هي الحال بشأن الملابس. إنها علامةُ على ذهنيّة جميلة تسعى إلى لفت الانتباه عبر اعتناق موضة شخصيّة أو غير معتادة، كذلك هو الكلام، ينبع البحث عن تعبيرات جديدة ومفردات قليلة التداول من طموح تنظيري مراهق».
* يعود دو بوتون للقول في كتابه الشهير «عزاءات الفلسفة» إن ما يُقرأ بسهولة نادرًا ما يكون قد كُتب بسهولة، وإلا فإن نثرا كهذا سيُخفي غيابًا للمضمون. بمعنى أن تكون الكتابة عصيّة على الفهم يعني تقديم حماية فريدة ضد عدم امتلاك شيء لتقوله.
* قُلت: وهل كُل من خطب وكتب وحاضر كان لديه عن قصد مسبق شيء مُحدد ليقوله؟
* من زاوية أخرى رأيت ونحن بهذا الصدد استدعاء جدلية الكُتّاب التي لم تُحسم بعد حين يقول بعضهم بضرورة نزول الكاتب لمستوى عامّة القرّاء فيتبسّط في تسطير كلام سهل الاستيعاب والفهم أما البعض الآخر فيرى عكس ذلك أي الافتراض بالقارئ الحصافة والثقافة واللماحة بحيث يرتقي لمستوى الكاتب حتى ولو كان صعب المفردات متكيّس متبتلع، كلامه أقرب ما يكون لترجمة (قوقل) من الإنجليزية للغة الضاد!!
الخلاصة أقول: أيّا كان الأسلوب حتى لو (تظرّف) الكاتب/المتكلم/الخطيب/المُحاضر في الكلام يبقى المضمون سِترا وستارا.
- د. عبد الله إبراهيم الكعيد
aalkeaid@hotmail.com