سلمان بن محمد العُمري
من الوصايا الخالدة التي سجلتها كتب التراث وصية أمامة بنت الحارث لابنتها (أم إياس) ليلة زفافها إلى الحارث بن عمرو (ملك كندة)، فقد أهدت إليها خبرتها بالحياة الزوجية وقد عظم موقعها وولدت من زوجها ملوكاً حكموا اليمن.
وممّا جاء في هذه الوصية أي: بنية: أن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزواج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً.
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة وحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقّد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله وملاك الأمر في المال حسن التقدير وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً، ولا تفشي له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمني غدره ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مغتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
وما زال العقلاء من الناس يستوصون بهذه الوصايا لبناتهم قبل وأثناء الحياة الزوجية لما يرون فيها من فوائد وسائل للحياة الزوجية السعيدة.
وأذكر أن أحد الدعاة المصلحين سلك مسلك الأعرابية الحكيمة أمامة بنت الحارث فكتب للبنات المقبلات على الزواج وصايا مماثلة حرية بالاتباع والالتزام ولا سيّما في هذا الوقت الذي كثرت فيه المشاكل الزوجية والطلاق، ومما قاله هذا الناصح الأمين في وصاياه:
يا بنيتي: كوني من نساء الجنة ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ كل ودود ولود، إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذي يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى.
يا بنيتي: كل ذي نعمة محسود، فلا تطلعي على ما أنعم الله به عليك صويحباتك، ولكن تحدثي عن النعم إجمالاً، و أكثري من شكر الله عليها.
يا بنيتي: كوني عروباً، وهي التي تحسن التبعّل لزوجها فتشبع عينه وأذنه وبطنه بما يشتهي.
يا بنيتي: لا تفشي أسراركما ولو لوالدتك، بل كوني حافظة لسر زوجك وأسرار بيتكم، وعالجي المشكلات بالحكمة والكتمان.
يا بنيتي: ادّرعي الصبر، فما أعطي أحدٌ عطاءً خيراً من الصبر.
والحياة الزوجية فيها منغّصات لا ينقذك منها سوى الصبر.
يا بنيتي: اعتصمي بالدعاء، فهو سلاح المؤمن، وملاذ المكروب، ومركب النجاة، ولا سلامة إلا به.
يا بنيتي: لا تسمعي للمرأة السلبية ذات النظرة السوداوية ولا لزوجة فاشلة في حياتها الزوجية.
يا بنيتي: لكي يحترمك أكرمي والديه، واحترمي أهله.
يا بنيتي: كوني قنوعة، فلا تكثري الطلبات ولا ترفعي بصرك لمن هم فوقك وانظري دائماً لمن هم دونك.
يا بنيتي: كوني امرأة صالحة، وهي التي إذا نظر إليها سرته، و إذا أمرها طاعته، وإذا غاب عنها حفظته.. هذه مقومات الزوجة الصالحة.