فهد بن جليد
سبرُ أغوار عمليات التجميل الفاشلة، أشبه بتقليب صفحات ويكيليكس لبحث خفايا وأسرار السياسة العالمية، حيث لا ضمانات كافية بوصولك للمعلومة الصحيحة، وسط تحايل وادعاءات وإعلانات ( تجار بيع الأوهام) من بعض أصحاب الشهادات الطبية الذين تخلوا عن رسالتهم مُقابل بريق الدولارات والريالات، وصمت مُطبق من فتيات تبخرَّت أحلامهنَّ الوردية، ليتجرَّعن مرارة التعايش مع الواقع الجديد بأقل الخسائر المُمكنة، بخشية الكلام والمواجهة حتى لا ينفضح أمرهنَّ أمام باقي أفراد الأسرة أو المجتمع..
رغم أنَّ المُجرم معروف ويستحق العقاب، لكن لا أحد يريد الكلام عن الأخطاء الطبية لعمليات التجميل الفاشلة، وهو ما يعني عملياً استمرار مُسلسل وقوع ضحايا جُدد، وقد سبق أن اقترحت على وزارة الصحة أن تضع رقماً سرياً لبلاغات أخطاء وآثار عمليات التجميل، لمُحاسبة الطبيب والعيادة، والدعم النفسي للمرضى ومراعاة العديد من الاعتبارات الاجتماعية لهم، ببساطة نحن لا نملك حتى الآن أي دراسة علمية حول أعداد من يجرون هذه العمليات في مجتمعنا من الجنسين، وكم نسبة الأخطاء الطبية التي تقع بينهم، بل لا نملك ما هو أبسط من ذلك وهو وجود آليات واضحة تُلزم العيادات التجميلية باتباعها، ليعلم المريض بأهليته الجسدية والنفسية والطبية للخضوع لمثل هذه العمليات، والخطوات الكاملة التي سيخضع لها، والمُضاعفات المُحتملة، وتأهيل وقدرة الطبيب للقيام بذلك، فكل ما يتم هو تلبية رغبات المريض ولهفته للتغيير من شكله، أو إخفاء عيب لا يريده، وكأنَّ الطبيب يملك عصا سحرية، بينما الواقع أنَّ - أغلبهم - عينه دائماً على جيب المريض، وعلى توقيعه على أوراق تخلي مسؤولية الطبيب والعيادة، كإجراء احترازي يقوم به تجار الأوهام.
القضية تتلخص حول 4 محاور (الجراح المُبتدئ الذي يتعلم في أجساد المرضى بالتجربة، رداءة المواد المُستخدمة باللعب على وتر الأسعار المُخفضة، إهمال الفحوصات والتحاليل الكافية قبل قرار العملية ومُلاءمتها وأخذ الوقت الكافي للتفكير والبحث والسؤال والاطلاع، جهل المريض وهوس التغيير بتكرار العملية عند أكثر من طبيب مما يُنذر بتشوهات ومُضاعفات خطيرة)، والدور هنا يقع على وزارة الصحة المُطالبة بتثقيف المُجتمع حيال عمليات التجميل ومضاعفاتها، وكيف ومتى يتم اختيار القرار الصحيح وحتى لا تتحمل المزيد من أعبائه وآثاره، إضافة لمُراقبة هذه العيادات التجارية المُنتشرة في شوارعنا والتي تؤجر الغُرف على الأطباء..
هوس بعض سياح الصيف جعلهم يعودون إلينا مُحملين بآثار زيارة دكاكين التجميل في الخارج التي أغرَّتهم بالوقت والسعر والسرية، وهي الخلطة التي لا يستطيع أي باحث عن الجمال مواجهتها أو رفضها.
وعلى دروب الخير نلتقي.