سعود عبدالعزيز الجنيدل
المسجد مكان مقدس له أهميته في الإسلام، وله أدوار كبيرة في المجتمع، وفي استقرار الناس. ولله الحمد تزخر هذه البلاد المباركة بالعديد من المساجد التي أقامتها الدولة، ولكن وبكل أسف غالبية هذه المساجد حالها لا تسر الناظرين!.
ولو عرّجنا على الأسباب التي آلت لهذه النتيجة لطال بِنَا المقام، ولن يسع المقال، ولكني ارتأيت ذكر بعض الأسباب التي أراها مهمة ولا يجب إغفالها.
*العناية بالمساجد ومرافقها ليست بجودة عالية، فغالب المساجد تحتاج إلى أشياء كثيرة، ولو كان الأمر من باب « الجود من الموجود» لرضينا بذلك، ولكن الكل يعلم حجم الميزانية الضخمة التي خصصتها الدولة -حفظها الله- لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، فلذلك يحق لنا أن نطلب، ونطالب بخدمات وجودة تناسب الميزانية التي تتحصل عليها الوزارة.
*اختيار المواقع لبعض المساجد اختيار سيّء، فمثلاً ترى جامعاً كبيراً على طريق سريع، ولا تتوفر فيه المواقف، أو يبنى مسجد في منطقة خالية لا تكاد تعثر فيه على أحد.
*لا يوجد استغلال للتقنية المتقدمة، من قبل الوزارة، فهناك عشرات الوسائل التي يمكن الاستفادة منها واستخدامها في المساجد.
*عدم مراعاة بعض شرائح المجتمع، فمثلاً هناك فئات الصم والبكم الذين لم يوفر لهم المسجد وسائل تعينهم على الفهم والاستفادة، فَلَو كانت هناك خطبة للجمعة، هل ستستفيد هذه الفئة من كلام الخطيب، قطعاً لا، والحلول لهم كثيرة.
*عدم مراعاة حال المتلقين، وهذا عنصر مهم، فالوزارة مطالبة بمراعاة أحوال المصلين، ولنضرب لذلك مثالين:
-المساجد التي يصلي بها شريحة كبيرة من غير العرب، كالباكستانيين والهنود، فمن الأفضل أن يحضر لهم يوم الجمعة خطيب متمكن من بني جلدتهم، يخطب بلسانهم حتى يتسنى لهم فهم ما يقول، فالهدف الأساس من الخطبة توعية المصلين بشؤون دينهم، فإذا استمر الوضع على ما هو عليه حالياً، فلن يتحصلوا على فائدة تذكر، فكم من الخطب التي ألقيت على مسامعهم ولكنهم لم يعوها ويستفيدوا منها حق الاستفادة، لأنهم لا يعرفون اللغة العربية.
-اختيار الخطيب لموضوعات خطبته (سأفصّل ذلك في مقال قادم)، وهذا عنصر جدّ مهم، فالناس بحاجة لموضوعات تفيدهم في دينهم، ودنياهم، والأفضل الابتعاد تماماً عن الموضوعات المتعلقة بالسياسة، وكذلك مراعاة ظروف الجو، وفي هذا السياق أذكر غير مرة إطالة الخطيب لخطبته إطالة شاقة على المصلين، رغم أن الحرارة في ذروتها وأجهزة التكييف لا تعمل بصورة جيدة، لدرجة أنك تسمع وترى بأم عينيك التذمر والتعب في وجوه المصلين.
وليس من المستحيل معالجة كل ذلك، فلو أمعنا النظر في بعض المساجد الخاصة، القائمة والمنشأة من قبل رجال الأعمال، لرأينا ما يسر ويبهج الناظرين، فترى الخدمات على أعلى مستوى، ودرجة النظافة عالية جداً، إضافة إلى حسن التنظيم، ووجود الوسائل التقنية المتنوعة، وتوفر المواقف... فالاختلاف إذاً في طريقة إدارة هذه المساجد، ومتابعة أحوالها.
هذه بعض الأسباب التي ارتأيت ذكرها، وحري بالوزارة الوقوف عليها، ومعالجتها، فالتشخيص نصف العلاج كما يقال عند الغرب:
«A true diagnosis is half cure»