علي بن سليمان الدبيخي
حكم المنيةِ في البرية جارِ
ما هذه الدنيا بدار قرارِ
بقلوب مؤمنة بقضاء لله وقدره.
تلقيت خبر وفاة الشاب العابد الزاهد راكان خالد العريني الطالب في جامعه القصيم، فلم أصدق الخبر حينما اتصل ابني سليمان وقال: أنا عند حادث انقلاب لسيارة راكان وتراه يطلبك الحل، ففي هذه اللحظة انقطع صوتي وضاقت مداركي فاتصلت مرة ثانية وقلت له تأكَّد من الخبر فقال متأكَّد الله يرحمه.
إن وفاتك وفراقك ورحيلك يا راكان مؤلم لكل من عرفك وعرف فيك أنبل الطباع وأجمل الصفات تسير على الأرض معلمًا بأخلاقك العالية وابتسامتك الدائمة ودعواتك الغالية. بارًا بوالديك واصلاً لرحمك محافظًا على الأذان تاليًا لكتاب ربك ليلاً ونهارًا سرًا وجهرًا إلى أن أتممت حفظه وضبطه بهمة عالية وعزم أكيد وها أنت تفارقنا وتودعنا بعد صيام رمضان وقيامه وتلاوة القرآن وختمت شهر الصوم بالاعتكاف وأتممت صيام الدهر بصيام الست من شوال إنها خاتمة تسرنا وتهون مصابنا فيك ورحيلك المؤلم.
لقد تركت خلفك والدين أبهرتهما ببرك لهما إلى أن قالا وهما في وداعك الأخير اللهم إنا راضون عنه فارض عليه يقول والدك والله ماكدرنا في حياته ولا مرة واحدة وتقول والدتك ولله ما أذكر أنه فتح بابًا ودخل قبلي بل يقدمني طيلة حياته، لقد كنا سعداء بوجوده وتعامله معنا يتلمس برنا بقوله وفعله، نعم فارقتنا ولكن لم تفارقنا ملامح نور وجهك المبتسم ومنطقك الطيب وخطواتك الهادئة.
ولقد تركت ياراكان أصدقاء وزملاء لك في عمر الزهور وقفوا على موقع الحادث وقد غشاهم الصمت وعقد ألسنتهم هول الحدث وحقيقة الفراق وصدمة الخبر.
حملوك وأرواحهم تحف جسدك الطاهر يتسابقون لتقديم أي شيء لحبك العميق في قلوبهم ومشاعرهم..
يقبلون جبينك الزاهر ووجهك المنير..
تركتهم ولكنك حاضرًا وستبقى حاضرا بمعدنك الأصيل وسمو أخلاقك وجميل تعاملك ووفائك الدائم..
وتركت مئذنة تبكيك كل ما رفع صوت الأذان ولسان حالها يقول: أين حامل القرآن ورافع الأذان..
لكنّ عزاءنا فيك أنك تركت أثرًا طيبًا هو زادك وشهود الله في أرضه وفي حديث أن الناس إذا أثنوا على عبد من عباد الله خيرًا قال الله تعالى وجبت.. أي وجبت له الجنة..
ونحسبك ياراكان أن الناس أجمعت على خيرك وصلاحك..
عزاؤنا أنك لقيت الله بعد طاعة وختمت حياتك بعمل صالح..
وعزاؤنا أنك حافظً للقرأن تكسو والديك تاج الوقار وعزاؤنا فيك كثرة الداعين والباكين وهذا دليل على حب الله عزّ وجلّ لك إن شاء الله والحمدلله على قضائه وقدره اللهم اغفر له وارحمه وانزله منازل الأنبياء والشهداء الصالحين وحسن أولئك رفيقًا..
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة 156.