ياسر صالح البهيجان
خطوة فرض رسوم على العمالة الوافدة ومرافقيهم ضرورة حتمية للنمو الاقتصادي ومعمول بها في معظم الدول، لكنها ستمثل تحديًا صعبا وقد تأتي بنتائج عكسية إن أتيح المجال لأرباب العمل بنقل المبالغ الإضافية من عاتق العامل الوافد إلى عاتق العامل المواطن أو المستهلك، أي أن القرار سيعاقِب أفرادًا لم يكن لهم ذنب في تكدس السوق بالوافدين، بينما سينعم من كان مطالَبًا بدفع الرسوم وكأن شيئا لم يكن.
ثمة طرق وأساليب متعددة من شأنها فرض رسوم على العمالة، لكن إقرار ذلك لابد أن يسبقه أنظمة وقوانين صارمة، تحد من تلاعب الشركات، وتسد أي ثغرة قد تتسلل إليها للتملص من مسؤولياتها الوطنية والاجتماعية والأخلاقية، وأسوأ أنواع جشع الشركات هو عندما تجعل العامل المواطن مثل مسمار جحا المغضوب عليه، وتبدأ بالبحث عن الحيل لفصله والتخلص منه.
ومع قرار رسوم المرافقين، بادرت معظم الشركات إلى طمأنة موظفيها الأجانب بأنها ستتكفل بسدادها، مؤكدة بأن الأهم راحة العامل الوافد، لا بأس حتى الآن الأمر يبدو منطقيًا، لكن التحول الدراماتيكي بدأ عندما تزايدت حالات الفصل التعسفي للمواطنين انطلاقا من المادة 77 من نظام العمل والتي نصت على أنه «ما لم يتضمن العقد تعويضا محددا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضا على النحو الآتي:
1 - أجر خمسة عشر يوما عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة.
2 - أجر المدة الباقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة.
3 - يجب ألا يقل التعويض المشار إليه في الفقرتين (1) و(2) من هذه المادة عن أجر العامل لمدة شهرين».
خطورة المادة 77 أنها أسست لما يسمى بـ«إنهاء العقد لسبب غير مشروع»، وكان الأولى إجبار الشركات على الالتزام بالعقود المبرمة، وعدم فسخها إلا لمسوغات مشروعة، أو على أقل تقدير تحديد غرامة مالية مجزية يتقاضاها الموظف المسرّح من عمله مقابل الجهد الذي سيبذله للبحث عن وظيفة أخرى، ومقابل الأضرار النفسية التي ستنتج عند انتقاله المفاجئ من كونه قوة عاملة إلى إنسان عاطل تتهدده البطالة.
ثم ماذا إن كان مرتبه الشهري 3 آلاف ريال؟،هذا يعني أن الشركة إن أرادت فصله واستغلت ثغرات المادة 77 ستتمكن من الاستغناء عنه مقابل 6 آلاف ريال فقط!، فهل هذا المبلغ الزهيد يقابل فعلا حجم الضرر؟، ثمة أبعاد إنسانية وأخلاقية لا يجب إقصاؤها عند تشريع نظم العمل، الاقتصاد له أهمية، لكن لا يمكنه أن يفوق أهمية الإنسان وحقوقه.