فهد بن جليد
وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تتجه لقصر العمل في البقالات ومحال السوبر ماركت على السعوديين بنسبة 100 %. إذا صحَّ هذا الخبر الذي نقلته الزميلة (صحيفة المدينة) فهو من أبسط حقوق الشاب السعودي في وطنه أن يجد من يحميه ويدعمه؛ ليحصل على وظيفة جاذبة، تدر عليه دخلاً مناسبًا. ولا أعلم هل العمل في السوبر ماركت بصيغته الحالية جاذب للسعوديين أم لا؟
الأمر مرتبط بفكرة التوجه لإغلاق البقالات والتموينات الصغيرة، ودعم المحال المتوسطة والكبيرة؛ لتستوعب أكثر من 20 ألف سعودي وسعودية، يُتوقَّع أن يخوضوا تجربة العام الأول من التوطين. والأولى هو عدم إغلاق هذه البقالات الصغيرة بل التفكير في تملُّك السعوديين لها بالكامل، والعمل فيها شخصيًّا، كما يحدث في العديد من البلدان المشابهة التي تعتمد على القوى العاملة الوطنية، بدلاً من إغلاقها والتخلص منها طبقًا للتجربة الأمريكية والأوروبية غير الناجحة، التي تصب في مصلحة جيوب أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة من ملاك الهايبر والسوبر ماركت، وهو ما لا يتناسب مع ثقافة وشخصية الأحياء والحواري السعودية التي تنتشر على جنباتها البقالات والتموينات الصغيرة.
إذا ما أردنا أن تنجح الخطوة فعلينا العودة لتجربة توطين الاتصالات، وإخضاعها لمزيد من المناقشة والتمحيص للاستفادة مما حدث بشفافية وصراحة كاملة، وما رافقها من تحديات وصعوبات, وخصوصًا فيما يتعلق بجانب التدريب والدعم المادي والتحايل ببقاء بعض العمالة غير السعودية للعمل من الباطن لوقت طويل تلبية لرغبة المستهلك الذي تأخَّر كثيرًا في مجارات الخطوة والتناغم معها بتخوفه من التعامل مع السعوديين بثقة كاملة. ونحن هنا في التجربة الجديدة أمام تكتلات معقدة جدًّا لجنسيات متنوعة، بعضها يعمل لحسابه الخاص منذ سنوات طويلة، وريع هذه المتاجر الصغيرة يعود لهم بنسبة 100 %، وإن كان المالك الظاهر سعوديًّا متسترًا. والقصص في هذا الجانب لا يكاد يخلو منها شارع أو حارة في معظم مدن المملكة، وخصوصًا فيما يتعلق بشبكات التسويق ومندوبي المبيعات للتجزئة في الشركات الغذائية الكبرى الذين يقدمون تسهيلات كبيرة مراعاة لأبناء جلدتهم؛ ما سيجعل المهمة صعبة للغاية أمام أبنائنا. والحل - برأيي - يكمن في منح تسهيلات لإقراض الشاب السعودي لتملُّك البقالة شريطة العمل فيها شخصيًّا، مع توفير فرص عمل (بارت تايم) للطلاب ونحوهم لمساعدته بالعمل في جزء من النهار أو الليل، مع حفظ حقوق عمل السعوديين الآخرين ممن سيختارون العمل في المحال الكبرى. التركيز على هذا المفهوم هو أكثر جوانب القصة جذبًا للسعوديين الذين يبحثون بطبيعتهم عن فرص التطور والتنمية والاستثمار في العمل التجاري الحر عند توفير رأس المال لهم.
القروض البنكية والتسهيلات لتملُّك السعوديين والسعوديات هذه البقالات والتموينات هي خيارانا الأهم، وحجر الزاوية في القضية، والمعيار الحقيقي لنجاح التجربة والمنافسة.. فبدلاً من التفكير في إقفال هذه المتاجر الصغيرة لصالح المتاجر الكبيرة لنجعل منها مصدر رزق وكسب حلال للعصاميين من أبنائنا وبناتنا؛ لأنهم ببساطة يستحقون الدعم.
وعلى دروب الخير نلتقي.