ياسر صالح البهيجان
من أكثر المفاهيم الشائعة في طريقة حفظ المال والتي أضرت بالوطن والمواطن على حد سواء، هي أن يشتري الفرد أراضٍ شاسعة ويحتكرها، بحجة أن الأرض تظل متمسكة بقيمتها المالية. وفي معظم الأحيان تزداد قيمتها بمرور الوقت مع تزايد أعداد السكان، وارتفاع حاجة الأسر للتملك رغبة في التخلص من تكاليف إيجار مرهقة لا تمنح الإنسان الأمان المستقبلي، خصوصا وأن السكن يمثل أسسا ومقوما لاستقرار الأسرة، التي بدورها تؤسس مجتمعا متماسكًا وقويًا.
ثمة خطوات سعت الدول إلى فرضها لتقف في طريق تملك الأرض وتعطيلها بهدف حفظ المال، منها تحديد سقف أعلى من الأمتار لكل فرد، بحيث لا يمكنه إطلاقًا تملك أكثر من ذلك، إلا لأغراض استثمارية معلنة ومحددة وتخضع لرقابة التنفيذ. إضافة إلى وضع نطاقات ملونة للأراضي بناء على موقعها الجغرافي، وكلما كانت الأرض في مكان حيوي وهام وقريب من مركز المدينة كان إحياؤها ضرورة ملحة لتطوير التنمية وحل أزمات الإسكان، وفي ضوء ذلك تحدد مدد زمنية لتطويرها، ويخضع المالك للمساءلة والعقوبات إن لم يلتزم بتلك المواعيد.
الاتجاه إلى فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني خطوة لا تكفي بمفردها. معظم الملاك سيضاعف من قيمة بيعها لجعل تكلفة الرسوم المدفوعة على عاتق المشتري مستقبلا، أي أننا سنواجه ارتفاعا في أسعار الأراضي بدلا من العمل على خفضها. المساءلة قد تبدو خطوة فاعلة في هذه المرحلة. يستدعى التاجر المحتكر ويُسأل عن دوافع احتكاره لتلك الأراضي، وما الغاية من سلوكه هذا، وإلى متى سيظل محتكرًا لها. من الضروري تحديد سقف زمني لإحياء الأرض بناء على مساحتها وموقعها، والتأكيد على أن تملك الأراضي لابد أن يتماشى مع المصالح العامة، ولن يُقبل إطلاقًا بجعلها حجر عثرة أمام التطور والبناء؛ لأن الأراضي ليست وسيلة للتكسب عن طريق إماتتها واحتكارها.
فك احتكار الأراضي ليس بالأمر الهيّن، ولن يحدث إلا عبر تدابير صرامة تؤكد بأن هناك أولويات واحتياجات مرحلية لابد أن يساهم الجميع فيها من أجل مصلحة وطنية كبرى، إذا ما علمنا بأن الاستفادة من تلك الأراضي المعطلة من شأنها أن توجد مئات الآلاف من الفرص الوظيفية إن تحولت إلى مشاريع استثمارية، ومن شأنها أيضًا أن تحل مشكلات الإسكان أن استثمرت في بناء وحدات سكنية، فضلا عن دور إحيائها في تطور المدن من النواحي الخدمية.