فقيدنا وفقيد الوطن الغالي المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع الأسبق -رحمه الله- كان يجسد العطاء المخلص الذي يقوم به ولاة أمر هذه البلاد من رجال الأسرة المالكة الكريمة في تحقيق نهضة بلدهم وتقدمها.. فكان رحمه الله أنموذجا للمسؤول الذي يبني بكل ما أوتي من قوة ويبذل جهده طواعية وحبا في تحقيق الأمن والعزة والكرامة لبلده دون شهرة أو ضجيج إعلامي يرافق أعماله ويتحدث عن إنجازاته.. فهو يبني في صمت بناء الراعي الحريص على بلده وأهله.. رحمه الله رحمة واسعة..
من المعلوم أن سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز رحمه ولد في العام1931 في الرياض ونشأ بها.. وبعد أن أتم دراسته في السعودية حتى المرحلة الثانوية انتظم في برنامج خاص لتأهيل الطلبة للالتحاق بالكليات العسكرية ثم التحق بعد ذلك بالكلية العسكرية في سان دييغو، ثم بكلية الاقتصاد التابعة لجامعة كاليفورنيا، وعمل الأمير عبد الرحمن بعد تخرجه من الاختصاصين العسكري والاقتصادي في القطاع الخاص عبر تأسيس نشاطه التجاري والاستثماري.
وفي عام 1403 صدر الأمر السامي الكريم بتعيين سموه رحمه الله نائبًا لوزير الدفاع بمرتبة وزير؛ ومنذ ذلك التاريخ بدأت المسيرة العملية في العمل الرسمي لسموه بالمشاركة الإيجابية الفعالة في بناء القوات المسلحة السعودية، عضدًا أمينا لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام آنذاك.
سمو الأمير الهمام عبد الرحمن بن عبد العزيز، رحمه الله- صاحب سيرة عطرة ومسيرة مضيئة بإنجازات في المجال العسكري والدفاعي وهو المجال الذي لا يتحدث عنه الإعلام ولا يعلم به كثير من الناس، فهي إنجازات تتحدث عن نفسها، سواء بالمشاركة الفعّالة مع أخيه سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد وزير الدفاع آنذاك - رحمه الله- في جعل القوات المسلحة السعودية قوة لا يستهان بها.. أو في مجالات البر والخير والمشروعات الخيرية التي لا تحصى والتي ساهم فيها سموه بنصيب وافر.
أمضى سمو الأمير عبد الرحمن - رحمه الله- أكثر من تسعة وعشرين عامًا نائبًا لوزير الدفاع، ولاشك أنها تعد فترة طويلة وبالرغم من ذلك كانت مليئة بالعطاء والإنجاز. فكان شغله الشاغل خلالها البناء المادي والمعنوي للفرد العسكري، الذي كان سموه حريصاً كل الحرصً على راحة الفرد المقاتل في كل جوانب حياته.
كان لسمو الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز - رحمه الله- دوره الإيجابي الفاعل مع إخوانه الملوك والأمراء في توطيد أركان الحكم بجميع أرجاء المملكة، كما أن له جهده البارز في العديد من الأعمال الخيرية بمختلف مناطق المملكة، فلا يغيب عن أهله ومواطنيه ذلك الجانب الإنساني الذي تحلى به - رحمه الله- والذي تمثل في قربه من أبناء المجتمع ورغبته الشديدة في الاستماع والنقاش مع شرائح المجتمع كافة.. كما عرف عنه - رحمه الله- تفانيه في تقصي أهم قضايا المجتمع وحرصه كمسؤول على إيصالها لإخوانه الملوك والأمراء فيما من شأنه خدمة الوطن..
لقد قام المغفور له الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز -رحمه الله-بمسؤولياته التي كلف بها خير قيام، وذلك في أهم مرحلة من مراحل تطور القوات المسلحة السعودية التي استطاعت بعون الله سبحانه وتعالى، وباهتمام الحكومة الرشيدة ودعمها غير المحدود إلى ما وصلت إليه من تطور وازدهار لتكون الدرع الواقي الذي يحمي أرض وحدود المملكة العربية السعودية من أعدائها المتربصين بها من كل جانب..
رحم الله الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز فقد كان شديد الثقة في الاعتماد على الله ثم على أبناء الوطن المخلصين، حيث كان دائم الحث للشباب على الالتحاق بالقوات المسلحة عن طريق المراكز والمدارس والمعاهد والكليات العسكرية. كما كان دائمًا ما يحث أبناءه الطلاب على الجد والمثابرة والاستعداد لثقته بأنهم أساس نهضة قواتنا المسلحة.
ولقد كان للمغفور له الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز أعماله الخيرية التي كان يقوم بها في الخفاء والعلن؛ وكان يحرص على أن تبقى هذه الأعمال سرية بينه وبين الله تعالى، كحفر الآبار وبناء المساجد والمساهمات الكبيرة في الأعمال الخيرية وكفالة المحتاجين، ولا يقتصر ذلك على منطقة دون أخرى من مناطق المملكة ..
لاشك أن ما قدمه سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز رحمه الله لوطنه وأهله سيبقى خالدا يزين سيرته ويعطر تاريخه الذي لن ينسى.. ولا يسعني هنا إلا أن أتقدم بخالص العزاء لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وللشعب السعودي الكريم في وفاة سمو الأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز.. رحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته..
** **
- فلاح العتيبي