عبد الله باخشوين
.. أحاول أن أجد قصة تشبه كل هذا..
بحثت فيما كان ومضى.. وفيما كتبت أيضاً.. أعادني التاريخ لكل ما عبر فيه من أحداث.
حب.. طغيان.. عدل.. خيانة.. وفاء.. أمانة.. غدر.. و.. و.. كل التاريخ بسط ما مر فيه على صفحة ذاكرتي.. فلم يجدني هناك.. ولم يجدني هنا.
وحدك كنت فيه مشرقاً وناصعاً..
صافياً, تلمع كسماء فجراً انقشعت عنه غيوم الليل الثقيلة التي لم تبرق.. ولم ترعد.. ولم تمطر أيضاً.
.. أحاول أن أجد قصة تشبه كل هذا..
لكني لم أجد فيك أحداً سواك.
لا كاتباً.. ولا مكتوباً.
كأن القدر يعد بأن لا يكتبك إلا أنت.. رواية تروى ماليس له شبيه ولا مثيل.
تختزل التاريخ في حكاية رجل ووطن.
التاريخ لا يدون سير الحمقى والواهمين.. لكنهم يمضون بين طياته كأن لم يمروا ولم يكونوا.
التاريخ إما أن تكتبه.. أو يكتبك فتمر مع من مروا فيه دون فعل أو أثر.
.. للتاريخ رجال يكتبونه.. وكتبة يدونون.. وعابرون.. وشهود.
بين الأبيض.. والأسود.. والرمادي.. زحام شديد.. ولا أحد إلا الذين لا يريدون للتاريخ أن يمر بك.. ولا أن تمر فيه.
يروا أسماءهم مكتوبة على هامش صفحة ما.. ولا يريدوا أن تكون فيها.. لكنهم - في وهمهم - لا يعرفون أن التاريخ قد أفرد لك صفحات لتروى عنك ومنك مايدونه الكتبة.. ويعرفه العابرون والشهود.
تختزل سيرة التاريخ فيك.. وتترك عبر الزمن مسيرة رجل ووطن.. في سيرة رجل ووطن.
كأنما وعد الزمان لك.. أن لا ينهض وطنك إلا بالبصمة التي تتركها فيه لأجيال لم تولد بعد.
.. أحاول أن أجد قصة تشبه كل هذا..
لكني لم أجد سوى يقينا أكد لي أن الكتاب.. في الشعر والأدب والفن والإبداع يمكن أن ينسجوا من أحلامهم وأوهامهم وخيالاتهم.. ويحيكوا كل ما يمكن أن يكون على ضفاف تسير موازية لأحداث التاريخ دون أن تكون جزءا منه ينسجون هامشا يفسر ويؤول التاريخ دون أن يكونوا منه.
تقرأهم في الفن والإبداع فيمرون بك أو فيك كشهود على فعل حركة التاريخ فيهم.
يستلهمون من الرجال الذين كتبوا التاريخ مايدون أسماءهم.. كعابرين وشهود.. على تلك الحقبة التي عاشوا فيها في ظل الرجال الذين صنعوا التاريخ.. على أمل أن يكونوا قد قدموا ما يسمح بتدوين أسمائهم بين أولئك المبدعين الخالدين.. أو بالقرب منهم على الأقل.