جاسر عبدالعزيز الجاسر
بعيداً عن المديح الإنشائي والإشادة المتكررة يجب النظر إلى الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز نظرة تحليلية بنيوية وفق مسار التطوير الذي تنتهجه القيادة السعودية لترجمة الأفكار التي تضمنتها المبادرتان اللتان أعلن عنهما والتي يتم تنفيذ بنودههما بتدرج وبإضافات تراكمية لتحقيق ما تضمنته تلك المبادرتان وهما التحول الوطني 2020 والرؤية السعودية 2030 والتي تستهدف تطوير وتحديث الدولة السعودية ونقلها من الدول النامية إلى الدول المتقدمة التي تعتمد على إدارة الأعمال والفعاليات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والخدمية على التخصص والاحترافية والإدارة اللامركزية التي تجود المنتج النهائي وتسرع الإنجاز وتحكم المتابعة والرقابة وتزيد من القدرة على التخطيط والابتكار واستثمار الإمكانيات الموجودة لزيادة الموارد والتقليل من الهدر المالي وحصر النفقات.
وقد وضح كل ذلك فيما صدر من أوامر ملكية وبالذات إنشاء جهاز رئاسة أمن الدولة، والذي ضم ثماني جهات أمنية متخصصة بعد أن كانت مرتبطة بوزارة الداخلية، وسوف يمكن هذا التنظيم الجديد لأمن الدولة من رفع كفاءة أجهزة مكافحة الإرهاب وجعلها منظومة متكاملة تحت إدارة واحدة متخصصة تتخذ قراراتها بسرعة مما يوفر إنجازاً أسرع ويحقق منتجاً متقدماً يتوافق مع سرعة ما يحصل من أعمال إرهابية ويجعل الأجهزة الأمنية قادرة بل متفوقة على الجماعات الإرهابية والجهات التي تحركها وتوجهها فيما سيتيح الأمر الملكي لوزارة الداخلية التفرغ لأداء أدوارها الإدارية والتنظيمية في متابعة أعمال إمارات المناطق والأجهزة التنظيمية الأخرى لإدارات تنجز خدماتها للمواطنين والمقيمين كالأحوال المدنية والجوازات والمرور ورفع كفاءة الشرطة والسجون والدفاع المدني وغيرها من المهام التي تتطلب متابعة وتطوير لتحديثها متابعة لما تشهده المرحلة من تطوير وتحديث مستمر.
أما القراران الملكيان الخاصان بإنشاء هيئة تطوير بوابة الدرعية وإنشاء هيئة ملكية لمحافظة العلا، فهما ترجمة لتوجه المملكة السليم لاستثمار وتطوير وتنمية «كنوز التراث» وإبراز التاريخ التليد والرائع للمملكة العربية السعودية، فالدرعية العاصمة الأولى للدولة السعودية والتي بالإضافة إلى احتوائها على العديد من المعالم التاريخية والتراثية للتاريخ السعودي المعاصر أيضاً يعد الاهتمام بتطويرها احتراماً وتقديراً لتاريخنا المعاصر وتعريف للأجيال ولمن يزورها من السواح والمقيمين بالإضافة إلى المواطنين بتاريخنا المعاصر وبدايات الدولة السعودية الأولى والثانية وصولاً إلى الدولة السعودية الثالثة وكل هذا يدر موارد تدعم التوجه بتنويع مصادر الدخل وهو نفس التوجه والناتج النهائي الجيد من وراء إنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا التي تختزن واحدة من كنوز التراث العالمي والحضاري «مدائن صالح» وهو عمل يظهر مدى التوجه الصحيح للمملكة لاستثمار الآثار والمكانة التاريخية للمملكة.
يأتي قرارا إنشاء نادٍ للابل وآخر للصقور ليعزز التوجه السعودي الحضاري للاهتمام بالرياضات العربية الأصيلة، والحفاظ على التراث الحضاري للعرب والمسلمين الذين أعطوا لرياضة الصيد بالصقور وبسباقات الإبل، والاهتمام بتوازٍ مع المساهمات المتميزة للإبل والصقور من الحضارة الإسلامية العربية، كما أن إنشاء أندية متخصصة لهذا الرياضات المتميزة أيضاً يوفر مداخل جديدة تعزز الإيرادات وتوجد منافذ جديدة لتمتع المواطنين والمقيمين وتجعل من تواجدهم في المملكة فترة أطول بدلاً من الخروج في العطل والإجازات إلى خارج البلد.