م. خالد إبراهيم الحجي
إن القلق الشديد الذي ظهر على الدول العظمى: (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) على خلفية الخلاف الخليجي بين قطر الراعية للإرهاب وبين الدول الأربع المحاربة للإرهاب: (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر)، دلت عليه المساعي الفعلية للدول العظمى ورغبتها الأكيدة للوساطة البناءة لاحتواء الخلاف الخليجي مع قطر الراعية للإرهاب؛ إذ قام زعماء الدول العظمى بالعديد من الاتصالات الهاتفية مع زعماء الدول الأربع المقاطعة لقطر، وكذلك مع أمير الكويت الوسيط بينهما بصفتها عضواً في مجلس التعاون الخليجي. فضلاً عن الزيارات المختلفة التي قام بها وزراء الدول العظمى إلى الدول الأربع المذكورة ودولة قطر. وقد صدر بيان من الدول الأربع المقاطعة لقطر الراعية للإرهاب يفيد بأن مذكرة التفاهم التي وقعها وزير خارجية أمريكا مع قطر لمكافحة الإرهاب، إبان زيارته لقطر، غير كافية؛ والمطلوب من قطر الالتزام باتفاقية 2013 م وآلية تنفيذها في اتفاقية 2014م الموقعتان من قبل قطر ودول مجلس التعاون الخليجي. والتجارب السابقة مع قطر تثبت أن عادتها نكث العهود والمواثيق؛ واستعادة قطر الراعية للإرهاب لمصداقيتها عند الدول الأربع المحاربة للإرهاب سيتطلب جهوداً حثيثة تفوق أكثر بكثير من الجهد المستقل الذي بذلته أمريكا، وسيتطلب من جميع الدول العظمى موقفاً موحداً ضد رعاية قطر للإرهاب، ومراقبة التزامها بتنفيذ العهود والمواثيق لأن: (أ): مذكرة التفاهم الثنائية التي وقعتها قطر مع وزير خارجية أمريكا لن تعيد لها مصداقيتها التي فقدتها بعد نقضها للاتفاقيتين التي وقعتهما مع الدول الخليجية المقاطعة لها. (ب) قطر هي التي يجب أن تتفادى العزلة الإقليمية؛ لأن قطر تحتاج للدول الخليجية، والدول الخليجية لا تحتاج لقطر.. والملاحظ أن الإعلام القطري الرسمي، بعد توقيع قطر لمذكرة التفاهم مع وزير الخارجية الأمريكي، بدأ يبث الرسائل الإعلامية التي تعبر عن الكينونة والوجودية؛ أي الرسائل الإعلامية التي تعكس تشبث الحكومة القطرية بخيوط الحياة؛ لأن تعنتها وإصرارها على رعاية الإرهاب سيأخذها إلى أسوأ السيناريوهات المحتملة. وفشل الحكومات ليس من ضرب الخيال، وقد سبق وأن فشلت حكومة العراق بعد حرب الخليج الثانية نتيجة العزلة الإقليمية وصراع الزعامات داخل الحكومة.. وعلى هذا المنوال فإن الحكومة القطرية مرشحة للفشل؛ لأن آلية اتخاالقرار الحكومي فيها غير واضحة، ومسارات صناعته غامضة داخل الحكومة القطرية، وتحاك بشأنه روايات كثيرة؛ منها أن القرارت الحكومية ليست في يد أمير البلاد الحالي الشيخ تميم وإنما في يد والده المقيم في قطر الشيخ حمد بن خليفة، ورواية أخرى أن القرارات الحكومية يتم طبخها وتقديمها على طبق من ذهب لأمير البلاد -الابن أو الأب- من قبل مجموعة من المستشاريين وعلى رأسهم ولي العهد ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم غير المعروف مكان تواجده؛ داخل قطر أم خارجها؟ والتجارب من أرض الواقع تثبت أن صراع الزعامات يؤدي دائماً إلى تطور متسارع في تشابك مسارات القرار وتقاطعها فينتج عنه حكومة فاشلة، وهذا التطور في التسارع يعود إلى العاملين التاليين:
أولاً: إفراط قطر الشديد في التزاماتها الدولية، مثل: إقامة كأس العالم في عام 2022م. إضافة إلى التوسع الشديد في المعاملات البنكية والاستثمارات المالية الخارجية والتعهدات الدولية. وقد أدى تسريب الاتفاقيتين 2013م و2014م إلى الإعلام في الوقت المناسب إلى تصدع جسيم لسمعة قطر إقليماً ودولياً لعدم التزامها بما وقعت عليه في الاتفاقيتين، فبدأت الكيانات الدولية المرتبطة باتفاقيات إستراتجية مع قطر تطرح عدة تساؤلات تتلخص في المعنى التالي: إذا كانت المملكة ذات الثقل الاقتصادي والسياسي، والمعروفة بقرارتها المتأنية والمحسوبة، ومصداقيتها واسعة النطاق لم تعد تثق بقطر؛ لأنها نكثت بعهودها ومواثيقها مع المملكة، فمصالحنا أيضاً في خطر من احتمالات عدم وفاء قطر بالتزاماتها معنا، ومن باب أولى عدم الوثوق بها؛ لأن مصداقية المملكة هي الأساس التي يؤخذ بها.
ثانياً: رعايتها للتطرف والتحريض على الإرهاب، وانغماسها في مستنقع التمويل القذر للجماعات الإرهابية المختلفة التي تحمل فكر الإخوان المسلمين المناهض للإنظمة الشرعية الحاكمة.. والعلامات العامة الدالة على الحكومة الفاشلة هي: (1): تآكل السلطة الشرعية لاتخاذ القرارات الجماعية. (2): عدم القدرة على التفاعل مع دول الجوار كعضو كامل في الإقليم الجغرافي. (3): العجز عن تقديم الخدمات العامة. وقد ظهر من حكومة قطر حتى الآن: (1) و(2)، وعندما تعجز قطر عن تقديم الخدمات العامة، وتبدأ منظومة المصالح الدولية المترابطة والمتشابكة بين قطر والدول العظمى بالتفكك فذلك يعني أن حكومة قطر تقف على حافة الانهيار.
الخلاصة:
إن قطر اليوم تقف في مفترق طرق؛ إما مع الدول الخليجية في مكافحة الإرهاب أو ضدها.