عماد المديفر
«عُرِفَ حمد بن خليفة مذ كان غراً منتفخاً صغيراً.. عُرِفَ بشراهة عجيبة في الأكل وأمام صحون الموائد.. فمن صغره ووالده وذووه ومن يعرفونه يصفون كيف كانت يده تطيش في الصحفة.. وعيناه شاخصتان ترمقان الطعام في أيدي الضيوف.. رغم وفرة الطعام وكفايته للجميع وزيادة، كان لا يستطيع المقاومة والحفاظ على أقل قدر من اللباقة واللياقة أمام الطعام.. حتى اشمأز الكثيرون من تناول الطعام معه.. كان ذلك فترة مراهقته، وقبل أن يتوحش على والده طارداً إياه ومنقلباً عليه.. ليقفز على السلطة.. بعد أن وضع يده بيد من التقط شراهته العجيبة هذه.. وضعفه أمام الشهوات والملذات.. فتلاعب بغرائزه واستولى على جوارحه وقلبه وأركانه من خلال ذلك.. وعندها لم تصبح قطر هي قطر.. فقد احتلتها وتحكمت بها قوى الشر والإرهاب.. ووظفتها لتحقيق أجندتها في المنطقة.. والتي يأتي على رأسها نشر الفوضى والدمار بشكل ذكي جداً.. وماكر جداً.. وهو بالتأكيد ليس من تخطيط ذلك المنتفخ الشره.. لكنه هو من ينفذ من خلال تلاعب الأشرار بغرائزه.. تماماً كما يتلاعب محرك الدمى بدميته من خلال الحبال الشفافة الدقيقة المربوطة بالدمية في مسرح العرائس» تلك عبارة قد قالها من كان بذلك خبيراً.
يستمر الخبير فيقول: قد علم الأعداء مذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بهزيمة عمائم الشر والظلام في طهران وما نجم عنها من تبدل لتكتيكات نظام الملالي من المواجهة المباشرة المسلحة - والتي فشلوا بها - إلى أسلوب الغزو الناعم التدريجي وغير المحسوس من خلال عملاء تزرعهم وتجندهم في المنطقة؛ أن لقطر امتيازات ليس لغيرها مثلها.. تجعلها الأقدر على فعل ما لا تستطيع فعله ضدنا قوى الشر والإرهاب الأخرى، وحتى نظام الملالي نفسه..!
فقطر منّا وفينا.. في قلب منظومة دول مجلس التعاون.. وشعبها محدود العدد هم امتداد طبيعي لأسر وقبائل معروفة تتواجد بشكل رئيس في المملكة.. إذ نحن وإياهم أبناء جلدة واحدة.. وعقيدة واحدة.. ونتكلم بلسان واحد.. يتنقل القطري بين دول مجلس التعاون ببطاقة الهوية فقط.. يزور من يشاء.. ويجتمع بمن يريد.. في الوقت الذي يريد.. ودون أن يلفت الانتباه.. ويستطيع أن يستثمر أو يتملك هنا أو هناك وكأنه من أهل البلد بحسب نظام دول مجلس التعاون.. والقطريون ونحن بالفعل أهل بلد واحد.. - أو هذا هو المفترض قبل أن تُختَطف قطر لتصبح رهينة الشياطين - إنه يصعب جداً حينها - وأعني قبل عشرين سنة - أن يشك خليجي واحد بأي قطري للحظة واحدة.. كما أنها دولة غنية جداً وتتمتع بثروات طبيعية هائلة يسيل لها لعاب الأشرار، وليوظفوا هذه الثروات لتصبح أحد أهم مواردهم في دعم مخططهم التدميري الخبيث.. لذا وحين لاحت الفرصة من خلال ملاحظة شراهة حمد العجيبة وهو ابن أمير البلاد حينها.. الشيخ خليفة آل ثاني - رحمه الله - وضعفه أمام رغباته الغرائزية غير السوية.. وعدم قدرته على التحكم بها؛ درسوا حالته ووضعه بكل عناية.. فكان من السهولة بمكان السيطرة عليه ثم على البلد برمتها من خلاله.. فكان أن زينوا له طرد أبيه.. والانقلاب عليه.. وأضحت بذلك قطر تلعب دور «حصان طروادة» في مخطط اقتحام العدو للبيت العربي بالعموم.. والخليجي والسعودي بالخصوص.. ولتنفذ بذلك أجندة العدو.. وبأموال قطرية.. وأسماء قطرية.. وبقية القصة تعرفونها جيداً..
وحين تكشفت فصول هذا المخطط الخبيث؛ سعت دول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة.. مناصحة النظام القطري.. ومحاولة احتوائه بشتى السبل.. وإعادته لجادة التعقل والصواب.. والعودة لحاضنته الطبيعية.. والتخلص من درن الوحل الذي وقعت فيه.. لاسيما وقد استلم زمام الحكم أمير جديد ارتأت أن تمنحه الفرصة لتصحيح الخلل.. بعد أن فاحت رائحة حمد الأب.. وتكشفت سوءته أمام الشعوب العربية والإسلامية بعيد أحداث ما سمي زوراً بـ»الربيع العربي».. إلا أن الواقع أنه وبنفس طريقة التلاعب بالدمى في مسرح العرائس.. جرى توجيه «حمد بن خليفة» للتنازل عن الإمارة لابنه «تميم» بعد أن احترق كرت «الأمير الوالد المنتفخ الشرِه» لاستبداله بالدمية الصغيرة «تميم».. لذا كان لا بد من مواجهتنا لهذا التهديد الأمني الخطير الذي يمس أمننا الوطني.. تماماً كما يمس ديننا وعقيدتنا وهويتنا.. مواجهته بكل حزم وقوة.. وذكاء أيضاً.. عبر قوانا الذكية.. ووفق القانون الدولي.. فكانت المقاطعة.. التي هي حق سيادي لأي دولة أن تنتهجه.. وهو خيار ذكي جداً.. الاستمرار به وحده كاف تماماً لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.. ووقف الصغيرة قطر من الاستمرار في التورط أكثر مع قوى الشر والإرهاب.. مع ضرورة اتخاذ ما يلزم لمحاكمة ساستها على ما اقترفوه من دعم للإرهاب طيلة العشرين سنة الماضية دون أن يرعووا.. وهو ما تسبب في إراقة الدماء ونشر الفوضى وتشريد الأبرياء والقضاء على أحلام وآمال ملايين البشر.. وهو ما لا يقبله دين ولا ملة ولا أخلاق عربية ولا إنسانية.. انتهى كلامه غفر الله له..إلى اللقاء.