صيغة الشمري
لا أعتقد بأن هناك سعودياً واحداً يشعر بالرضا تجاه ما تقدّمه الجامعات السعودية للمجتمع من خلال تخريج أجيال لا يبتعد مستواها الفكري والعملي عن المرحلة الثانوية بشكل كبير، لا بد لنا من وقفة صادقة وجادة لإجبار الجامعات في السعودية على القيام بدورها الحقيقي لصناعة رجال أمة وقادة وعلماء وليس لسد النقص الوظيفي بخريجين جامعيين لا يكاد المميز منهم يكون مقنعاً إلا بعد سنوات من العمل الميداني والتدريب الذي يبدأ معه منذ الصفر وكأنه لم يكن في يوم من الأيام خريج جامعة. الذي يثير الاستغراب بشكل كبير هو كمية الرضا الذي يشعر به القائمون على التعليم الجامعي وكأن هدف الجامعات هو سد الاحتياجات الوظيفية فقط وليتهم قاموا بهذا الهدف بشكل جيد يجعلنا نغض الطرف عن باقي أهداف التعليم الجامعي التي نراها لدى البلدان الأخرى المتفوّقة علينا رغم أنها لا تملك الإمكانيات المادية التي نملكها، الأسباب التي أدت لهذه النتائج المتدنية لا تنحصر بنظام التعليم العالي أو مديري الجامعات، بل تتعداها لما هو أكبر وأهم وهو ثقافتنا تجاه التعليم الجامعي ومفهومنا له، مدير الجامعة الذي ينظر لنفسه كموظف لن يهتم كثيراً بالمخرجات التعليمية لجامعته، ولن يهتم بجعل جامعته تنافس الجامعات العالمية، ولن يهتم بمعرفة الإحصاءات الحقيقية والدقيقة حول طلبته وماذا فعلوا وأين ذهبوا بعد تخرّجهم من الجامعة، المحسوبيات التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من توظيف بعض مديري الجامعات لأقربائهم تدل دلالة واضحة على أن رأس التعليم الجامعي يحتاج إلى سرعة التقويم وبث الدماء الشابة فيه لاسيما أننا في زمن ودولة يقود تطورها ونموها وازدهارها أمير شاب يعقد عليه ملايين الشباب أحلامهم بعد الله ويتفاءلون بأنه سيكون بحجم تطلعاتهم وفكرهم الجديد، أن رؤية 2030 والسير نحوها بكل احتراف ودقة جعلتنا نحلم بتغيير جذري للمحسوبيات التي تعشعش في أذهان الكثيرين من بعض أصحاب الفكر القديم في تعليمنا الجامعي الذي نعلّق عليه آمالنا في بناء أجيال ذات مسؤولية اجتماعية ووطنية تقود الأمة السعودية نحو مصاف الدول المتقدِّمة علمياً، لا يجب أن نجامل أنفسنا عندما يصل الأمر للتعليم وبالذات التعليم الجامعي؛ لأنه العماد الحقيقي لأي أمة قوية ووطن يريد أن يختصر الزمن وينظر إليه باحترام وهيبة بين باقي الأمم.