سعود عبدالعزيز الجنيدل
هل هناك لغة إعلامية عامة؟ وما حدود تلك اللغة؟ وهل الفصاحة شرط فيها؟
أسئلة علقت في ذهني منذ زمن، ومازالت،
إلى أن آن الأوان لطرح هذه التساؤلات والإجابة عنها، من خلال ما تم رصده من نماذج مقروءة وقفت عليها، مستخدما، ومسلطا عليها مشرط النقد.
تابعت، ورصدت كثيراً مما يرد في لغة الإعلام، خصوصا الإعلام المقروء، ولاحظت اختلافا بيّناً بين تلك النماذج، فتارة ترى نماذج مكتوبة بلغة أقرب ما تكون للتقعر، وتارة أخرى تفاجأ بلغة مبتذلة، لا تود رؤيتها، فضلا عن قراءتها!!
نستخدم مصطلح «اللغة الإعلامية» ونقصد بها استخدام مستوى معين من مستويات اللغة، فاللغة واحدة، ويندرج تحتها مستويات عديدة، نطلق عليها لهجات، - لن أفصل في ذلك كثيراً، لأن ذلك موضوع آخر - وهذه اللهجات تتنوع، وتختلف بحسب الموقع الجغرافي، فهناك لهجات داخل البلد الواحد، كاللهجة النجدية، والحجازية في المملكة...
وأيضا هناك لهجات على مستوى المنطقة الواحدة، كاللهجة الخليجية، اللهجة الشامية...
فحين نقول لغة إعلامية عامة، نقصد بها استخدام كلمات معينة، وأسلوب معين، ولو وضحت ذلك قليلاً، فلنتخيل اللغة عبارة عن هرم أعلاه اللغة الفصحى، وأدناه اللهجة المحلية، وبينهما مستويات من البلاغة والفصاحة، والبيان.
فاللغة الإعلامية العامة لا تكون لهجة محلية، ولا تكون كذلك لغة تستخدم التقعر في مفرداتها، والإتيان بغريب الكلام.
ولو فصلنا أكثر في ذلك، فاللغة الإعلامية العامة تستخدم بناء على من هي موجهة له، وكذلك بناء على الفن، هل هو خبر؟ أو مقال؟ أو تقرير؟.. إلى آخره، وبناء على ذلك تستخدم اللغة الإعلامية، فالخبر الإعلامي مثلا لا يقبل منه أن تكون لغته أدبية، لضرورة أن يكون الخبر واضحاً، وصريحاً، ولا يحتمل التأويلات، وقس على ذلك الفنون الأخرى.
هناك أساسيات لا ينبغي تجاوزها في اللغة الإعلامية، ومن تلك الأساسيات:
* السير، واتباع النظام النحوي، فلا يقبل أن تكون الكلمة مرفوعة مثلا، وحقها النصب، أو الجر، أو العكس.
* النظام الإملائي، فلا يسمح أن تكتب الكلمة بشكل خاطئ.
* صياغة الكلمة صياغة صحيحة، وهو ما يندرج تحت علم الصرف.
إذن اللغة الإعلامية العامة تبتعد عن التقعر، ووحشي الكلام، وفِي الوقت ذاته لا تكون لغة مبتذلة، فهي بين هذه وتلك، وتسير وفق قواعد اللغة المعروفة، ولا يظن بعض الناس أن الإتيان بكلام غريب لا يفهم، يعد تميزا، وثقافة عالية، وإذا لم يفهمه القرّاء، فهذا دليل علم وثقافة وسعة اطلاع، بل بالعكس تماما، فالكلام البليغ الفصيح، المليء بالبلاغة والبيان، له مقام، ولكن مقامه قطعا ليس الإعلام العام المقروء، فالكلام البليغ الفصيح يكون مطلوباً في المحاضرات العلمية والنقاشات الأكاديمية، وأروقة الجامعات، والأندية الأدبية، والكتب، والمجلات الثقافية المتخصصة..ما يهمنا معرفته هو أن «لكل مقام مقال».