فهد بن جليد
الأعمال الفنية لم تعد للفن وحده، فهناك صناعات واقتصادات عالمية تأثرت إيجاباً بسبب أعمال درامية وسينمائية -لم يكن مُخطط لها مُسبقاً القيام بمثل هذا الدور- ولكن تجوِّيد عملية الإنتاج الدرامية والإخراجية والسينمائية بالشكل الصحيح حقق النجاح على أكثر من صعيد، أوضح مثال يمكن الحديث عنه هو دور الأعمال التركية المُدبلجة في التعريف بطبيعة تركيا وثقافة أهلها بشكل غير مُباشر أو مُتكلف ومن خلال سياق القصص نفسها، مما أثر في المُتلقي العربي وجعل تركيا ضمن خياراته الأولى سياحياً.
التلقائية في هذا الجانب لتمرير الرسالة الترويجية بذكاء تبدو غائبة عن إنتاجنا الإعلامي والفني، فهي مفضوحة عند المُتلقي الذي يكشفها ويرفضها كون المُنتج لم يحترم عقلية وإدراك وفهم المُتلقي عندما تم حشر الصورة أو الاسم أو المكان عنوة أمامه، وهي مدرسة مازال يطبقها معظم الإنتاج والمحتوى العربي للأسف، بل إنَّها كانت أكثر وضوحاً في برامج رمضان التي تم تصويرها في بعض البلدان الخليجية من أجل الترويج لها، وقدمت بشكل مُتكلف ومُباشر، وهو ما لن يحقق -برأيي- الأهداف التي توزاي حجم الإنتاج وتكلفته.
بعيداً عن الإنتاج الدرامي والفني والإعلامي، يبدو أنَّ الأغاني والموسيقى هي الأسلوب العالمي الأحدث، لنأخذ أغنية (ديسباسيتو) أو ببط كما تنطق في الإسبانية مثالاً -مع تحفظي على بعض ما فيها كونه لا يوافق ثقافتنا وديننا- فقد أنعشت اقتصاد بورتوريكو وزادت عدد سياح الجزيرة الأمريكية بنحو 45%، بعدما تجاوزت أعداد مُشاهداتها على منصات البث التدفقي العالمية -كما أعلن الأربعاء الماضي- أكثر من 4.5 مليار مرة، مُتجاوزة أغاني شهيرة مثل ماكرينا أو غانغنام ستايل الكورية وتأثيرهما السابق.
المُعضلة التي يجب الانتباه لها هنا أنَّ المُتلقي العربي تأثر بهذه الموضة العالمية، سابقاً بذلك المُنتج العربي الذي سيأتي لاحقاً ليُطبق ذات التجربة للبحث عن ذات النتائج، ناسياً أن الأدوات تختلف وقواعد اللعبة غير ثابتة، فلا يمكن إنتاج أغنية أو تصويرها في بلد عربي من أجل الترويج السياحي فقط دون أن تكون المقومات الحقيقية موجودة، فمتى ما حافظ المُنتج العربي على براءة المحتوى البصري وصدقه حتى يعكس الحقيقة، كلما كان التأثير أكبر، وهو ما يجب أن يفهمه أولاً من يمول مثل هذه المشاريع الإعلانية المُباشرة التي تملأ الفضاء ومنصات التواصل، قبل وصول موضة الأغاني السياحية إلينا.
وعلى دروب الخير نلتقي.