د. أحمد الفراج
في مقال عجيب، ومليء بالمتناقضات، كتب إخواني سعودي معروف، يزعم دومًا الحيادية والوطنية، وأعلن هزيمة تنظيم الإخوان، الذي ينتمي إليه، وهذا تطور كبير، بالرغم من أن الكل يعلم أن التنظيم سقط سقوطًا مروعًا، ولكن الاعتراف بذلك من رمز إخواني معروف له دلالات كبيرة، وكان المتوقع أن يراجع هذا الإخواني مواقف التنظيم، وينتقدها، خصوصًا أن التنظيم تغلغل في مفاصل الوطن، ونادى بالأممية، وناكف الدولة، وتسبب لها في إحراجات كبرى، ويكفي موقف رموز التنظيم السعوديين من أزمة احتلال الكويت، ووقوفهم مع صدام حسين، وخذلانهم لوطنهم في واحدة من أصعب الأزمات التي مر بها الوطن، مرورًا بإثارة الفتن والقلاقل، التي جلبها التنظيم، وتسببت في الفرقة والتشرذم في المجتمع السعودي، ودعم التنظيم لما سمي بالربيع العربي، وليس انتهاءً بموقف التنظيم المتخاذل، بل والمخزي، من قرار مقاطعة قطر، وهو الأمر الذي كان بمنزلة الضربة القاضية، التي أصابت التنظيم في مقتل، ولكن الكاتب الإخواني لم يتعرض لكوارث تنظيم الإخوان السعودي، بل هرب للأمام، بطريقة ساذجة ومكشوفة.
كان واضحًا أن الكاتب الإخونجي، المعروف بالتلون والانتهازية، قرأ تصريح سمو ولي العهد جيدًا، عندما أعلن عدم العودة لما بعد عام 1979، وكذلك وصف سموه لأعضاء التنظيم بـ«الإخونجية»، وهو وصف له دلالات عميقة، وبالتالي استبق الزمن، وأعلن سقوط التنظيم، لأنه أدرك أن قيادة الوطن لا تريد العودة إلى الوراء، ولأنه في منتهى الإحباط، جراء سقوط التنظيم، فقد شن هجومًا لاذعًا على من كانوا وراء سقوط التنظيم، أي الوطنيين السعوديين، وهو هنا يتذاكى، ويبرر لنفسه ولحزبه موقفهم المخزي من أزمة قطر، وكأنه يقول: إن الموقف الأصيل هو أن تقف على الحياد في معارك الوطن، وأن الوقوف مع الوطن، وهو موقف المثقفين والكتاب الوطنيين، هو مزايدة لا لزوم لها!، وهذا يتواءم مع موقفه هو شخصيًا من أزمة قطر، إِذ لم يكتف بالحياد، بل نعت الوطنيين الذين وقفوا في صف الوطن بالمرتزقة!، وهاجمهم بشراسة، كما فعل بمقاله هذا.
اسمعني جيدًا أيها الكاتب الإخونجي، وليسمعني كل أعضاء تنظيمكم، فالتاريخ يقول: إن من شتمتهم في مقالك هم خيرة المثقفين الوطنيين، الذين حاربهم تنظيمكم طويلاً باسم الدين، ثم، وبعد مقاطعة قطر، اكتشف الشعب السعودي، الذي خدعتموه طويلاً، أنهم هم المخلصون لهذا الوطن، والمدافعون عن حياضه، وأنكم أيها الحزبيون قوم أمميون، وولاءاتكم خارجية، ولتعلم يا هذا أن تنظيمكم هو الذي قتل الوطنية لعقود طويلة، لصالح الأممية والحزبية، وأنه في الوقت الذي كنت وتنظيمك تتحالفون مع أعداء الوطن، مثل بقايا فلول اليسار والقومجية، كان الوطنيون هم من يتصدى لهؤلاء الأوباش دفاعًا عن الوطن، ثم تأتي اليوم، بعد أن تمايزت الصفوف، وتبين للقيادة وللشعب من هو معها، ومن هو ضدها، لتثير الفرقة والانقسام، وتصنف وتشتم الوطنيين الشرفاء، بدلاً من أن تكتب عن أعداء وطنك، الذين يتآمرون ضده، ولكن هذا هو ديدن التنظيم، الذي بالرغم من أنك أعلنت سقوطه في مقالك، إلا أنك استخدمت أدبياته للهجوم على الوطنيين، ولكن كن على ثقة، أن شعب المملكة عرفكم جيدًا، بعد أزمة قطر، ولن ينخدع بكم بعد اليوم!