للماثلين بهذي الأَرْضِ
تحرسُهُمْ خُطًى
وتحرسُهُمْ في الرَّمْلِ ذاكرةُ
للممسكين ظِلَالَ الأَرْضِ
في يَدِهِمْ
حتى كَأَنَّ ظِلالَ الأَرْضِ هاربةُ
لـمُتْعَبٍ كلما نادتْهُ طينتُهُ
لم يرتبكْ ..
فشقوقُ الطين آمِنَةُ
لموطنٍ ظلَّ يغفو في ملامحنا
وَلْتَسْألِ الروحَ
إنَّ الروحَ شاهدةُ
يا أوَّلي حين لا بدءٌ يلوح هنا
وآخِري حين ضلَّت فيَّ آخرةُ
أتيتُ يتبعني حدسي
وتتبعني نارٌ
ولكنها - يا حدسُ - باردةُ
ورحتُ في شفتي
ماءانِ من وطنٍ
الموطنُ الماءُ لم تعرفْهُ يابسةُ
يا أنتَ
لم يهجرِ الإنسانُ خَيْمَتَهُ
ففي الخيام يدٌ للضيفِ عامرةُ
يا أنتَ
ظَلْتَ رداءَ العابرين على كلِّ الجهاتِ ،
جهاتي فيكَ عابرةُ
ويا أنا
حكمةُ الأجدادِ تحملني إليه
حيث نقوشُ الأمسِ فاتنةُ
وحيث وجهُ بلادي
ممسكٌ بيدي
خُطايَ بعدك - يا معنايَ - ضائعةُ
من موعدٍ يتلظَّى في ارتجافتنا
أتى بخفَّةِ من تتلوه «فاتحةُ»
وراح يصعدُ فينا
كلما نظرتْ عيناه شاهقةً
ترتاحُ شاهقةُ
وكلما نضج الديجورُ
وابتهلت خيوطُهُ
نضجت في الأفق بارقةُ
يا موطنَ السحنات البيض
مُذْ سكنت إليكَ خارطةٌ
لم تشكُ خارطةُ
يا موطنَ الحالمين السُّمْر
ماثلةٌ دروبهم
ودروبُ الطهر ماثلةُ
مذ كان
يقترح الإنسانُ فلسفةً
كي لا يشيخ
وقد شاخ الفلاسفةُ
أتيتَ كالأبدِ المنذورِ
تمنحنا خلودنا
وخطى الآبادِ ثابتةُ
***
تضيئنا
حكمةٌ لم تنطفئْ أبدًا
تضيئنا
لغةٌ كالضوءِ فارهةُ
وشهقةٌ
كانت الآباد تنفثها
الشهقةُ البِكْرُ يا آبادُ باذخةُ
فمنذ أَوَّلَتِ الصحراءُ رقصتَها
بالبدو
نامتْ بهذا الدرب باديةُ
ومنذُ كان بعيدٌ
يصطفي يده بين التخوم
تماهت فيه عاشقةُ
ومنذ نامتْ ظِلالُ السَّفْحِ
ثَمَّ قُرًى تقولُ:
كلُّ ظِلالِ السَّفْحِ والهةُ
إنَّ الدروبَ
التي آوت أوائلنا
تذوب خاشعة والذاتُ خاشعةُ
لعل في نبأ الأمواتِ
خاتمةً تضجُّ ضوءًا
فلا تُفْزِعْكَ خاتمةُ
- حسن عبده صميلي