«يا قطعة من قلبي.. ما أجمل أن تبدأ الحكاية بتعبير يهزُّ الكيان كله.
كثير من العلاقات تبدأ متعثرة وبعضها القليل يبدأ كقطعة من القلب، فكيف سينتهي حبٌّ هذه بدايته؟
يُخلق الحب معنا ثم نتلقاه ونتلقفه من الأم؛ منبع الحب الصافي، نعم الأم مصنع الحب الذي نخرج منه للحياة ونحن مقبلين غير مدبرين، نفتح ذراعينا واسعة نبحث عن حب يحتوينا ونحتويه.
فكيف لا نحب وكيف لا نبحث عن من يحبنا، وكيف لا نحلم بحب يكبر معنا، ولا نتخيل ولا نقبل أن يصغر هذا الحب أو يتلاشى. بل إننا نحارب من أجله وندفع الغالي والنفيس من أجل حب صادق يجعل دقائق حياتنا أجمل وأسعد.
نمضي عمر ونحن لا نرى إلاّ الجميل في هذه الحياة، نحب كل شيء وأي شيء، فطرتنا ومخزون الحب الذي تلقفناه من أثداء أمهاتنا يسري في عروقنا، فطرة سليمة ونبعاً صافياً يجعلنا نرى الحب شمساً مشرقة لا تغيب عن هذا الكون، وكيف تغيب ولماذا؟ أليس الحب أجمل ما في الوجود؟
لماذا أصبحت مساحة الحب تصغر كلما كبرنا؟ لماذا أصبح الكون قاتماً يصرخ كراهية؟ لماذا وكيف سكنت قلوبنا الكراهية؟ من أين جاءتنا هذه الكراهية والحقد التي ملأت قلوبنا واغتالت كل شيء جميل في حياتنا؟ لماذا أصبحنا نخاف الحب والتصريح به؟ وفي المقابل نجاهر بالكراهية والحقد والحسد وننشرها؟ لماذا أصبحت الكراهية ثقافة والحب جريمة؟ ما الذي حدث في الفترة ما بين طفولتنا وشبابنا وشيخوختنا؟
مجتمعات وأفراد تتنافس على الكراهية وتجعلها لغتها الرسمية بل سلوكها الذي تقدمه للكون دون خجل.
أصبحنا نتوارى تحت جُنح الخوف عندما نجد متنفساً لنعبر عن الحب المتبقي في قلوبنا، إرهاب الكراهية نفث أنفاسه الكريهة في كل مكان حولنا.
أصبحنا نخاف من التعبير والتصريح، بل نخاف من مجرد الكتابة عن ما يدور في قلوبنا!
نعم إنها جريمة العصر: الحب!
جريمةٌ لا تُغتفر وعيب قد يُقصيك من كل شيء حولك ويجعلك منبوذ يخاف من حولك الارتباط بك بأي صورة كانت!
أصبحنا نتغنى بطفولة كانت لا تعرف القيود في التعبير والممارسة، وأصبحنا نلتفت ذات اليمين وذات الشمال خوفًا عندما يفيض منا مخزون الحب ونريد أن نُعبر به وعنه لمن حولنا.
لكن الحب الذي في قلوبنا رغم الخوف والخذلان والانكسارات لازال يقاوم إرهاب الكراهية، ولازلت تنبض قلوبنا وتفيضُ حُبًا للحياة. ولازلنا نبحث عن حب يحتوينا ونحتويه غير مكترثين بعواقب تهديدات الكراهية التي تحيط بنا من كل جانب. قلوبنا خُلقت لتحب الحياة وتعمل لها، فُطرت على ذلك ومن أجل ذلك لن نتنازل عن حقنا في أن نحب وأن يحبنا الآخرون».
- د.أحمد الجلعود