ياسر صالح البهيجان
خطوة استثنائية اتخذتها وزارة التعليم بإقرارها برنامج التربية البدنية في مدراس البنات ابتداءً من العام الدراسي المقبل، وعزَّزت منها الهيئة العامة للرياضة عبر السماح بإصدار تراخيص للنوادي الرياضية النسائية. هذه التحركات الجادة حتمًا ستواجهها تحديات مفصلية في هذه المرحلة بالتحديد.
ثمة ثقافة مجتمعية مترسبة منذ عقود تجاه العلاقة بين المرأة والرياضة. يشوبها مفاهيم خاطئة، وتصورات ذهنية مشوهة، تتطلب ضرورة العمل على إبراز أهمية اتجاه المرأة لممارسة النشاط الرياضي، ليس بوصفه جزءًا من الترفيه المحض، بل كأسلوب حياة صحية تقي بمشيئة الله من مساوئ وتداعيات سلبية، كأمراض السمنة، وارتفاع ضغط الدم، وعدم انتظام ضربات القلب والجلطة، وأمراض الخشونة، والسكر، والأمراض التنفسية، وكذلك الأمراض النفسية، ومشكلات العضلات والعظام وغيرها.
دراسات حديثة أكدت أن معدلات السمنة في السعودية ارتفعت بنسبة 30 بالمئة خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن النسبة مرتفعة لدى النساء أكثر من الرجال، حيث تعاني 37 بالمئة من النساء السعوديات من السمنة وهي من أعلى المعدلات في العالم، أي أن التحرك العاجل لمواجهة هذه الأزمة ضرورة مجتمعية. وصحة المرأة تعني صحة المجتمع بأكمله، وإن كانت فريسة للاعتلال والأمراض فإن بنية الاجتماعية ستعاني من الاختلال والضعف.
ما المنتظر إذن لنجاح البرامج الرياضية النسائية؟
من أبرز الخطوات المنتظرة، الاتجاه لحملات توعوية في المجمعات التجارية، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام المختلفة، إن أردنا أن تحقق البرامج الرياضية النسائية الإيجابيات المتوقّعة منها. وعي المجتمع ركيزة رئيسة للاندماج مع الواقع النسوي الرياضي الجديد، وأيضًا للحد من المفاهيم المغلوطة السائدة والمقوضة لمساعي الجهات الحكومية المسؤولة، كما سيسهم ذلك الوعي في حجم إقبال الفتيات على ممارسة الرياضة، وهذا مؤشر حقيقي سيقيس مدى تقدم البرامج نحو الأهداف الموضوعة من أجلها.
أخيرًا، لا يمكننا إغفال أهمية فرض اشتراطات تكفل التنظيم الجيد للأنشطة الرياضية النسائية، وتضمن تجهيز المدارس والأندية بعوامل النجاح، كالتنوع في طبيعة الرياضات، وتوفر الكفاءات النسوية التدريبية، وجاهزية الصالات بوسائل الإسعافات للتعامل المباشر مع أي إصابة. البداية الصحيحة والمتكاملة ستعزِّز من فرص نجاح التجربة الوليدة، وستمثِّل حافزًا لتأييد المجتمع لها.