د. عبدالرحمن الشلاش
المقال التالي وبنفس العنوان أعلاه «القرضاوي بتاع كله» نشر لي قبل خمس سنوات وأحدث ردود فعل واسعة من أنصار القرضاوي من الإخوان داخل وخارج السعودية بوصفه شيخهم المقدس، ولمناسبته للمرحلة الحالية أعيد أجزاء منه توضح تأثير هذا المسن على المغرر بهم وتدخلاته السافرة في شئون الآخرين.
لاأدري ما الوظيفة التي يمارسها يوسف القرضاوي المصري الأصل القطري الجنسية, فهل هو داعية إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتالي عليه أن يلتزم بمبادئ الدعوة ويجسدها سلوكا، ويتصف بما تمليه عليه متطلبات الدعوة من رفق ولين وقول حسن وصبر وإيثار وإحسان الظن بالناس وكف الأذى واتباع الحق ورد الباطل دون أن تأخذه في الله لومة لائم، أم أنه مصلح اجتماعي يؤلف بين القلوب ويوجه الناس للسلوكيات المرغوبة، أم أنه محلل سياسي له في كل ثورة أو خلافات دولية قرص يحلل ويطرح الآراء والحلول كما فعل في كل ثورات الربيع العربي, فطرح آراءه في الحكومات التي رحلت، واختطف ثورة شباب مصر إعلاميا حين تصدر الجموع وكأنه من حقق المعجزات؟.
وجدت القرضاوي خلال الفترة الزمنية القريبة قبل موجات الربيع العربي وبعدها يمارس كل الوظائف تحت غطاء الداعية المتدين فلا يتردد في الخوض في أي شيء يفتي ويشرع في برامجه الدينية عبر قناة الجزيرة، ويحلل ويحرم وينتقد الحكومات والأفراد، وتجده في مواقف أخرى يتقمص شخصية المحلل الاقتصادي فينظر في عمق الاقتصاد ويخوض في مشكلاته، ولا بأس لديه أن يدلي بدلوه في الدورات الرياضية وعالم الفن وعمل المرأة وقيادة المرأة السعودية للسيارة. لا تستطيع أن تحدد وظيفته الأساسية حتى صار «بتاع كله» وكأن المهم عنده أن يظل تحت الأضواء المغرية، وهو بذلك يقدم نموذجا سيئا لصغار الدعاة الصاعدين بظهورهم الطاغي وعشقهم المجنون للشهرة والبقاء تحت الأضواء كل الوقت.
منتظر من القرضاوي أن يسمعنا رأيه فيما يخص الدولة التي استضافته ومنحته الجنسية رغم أنه لم يجرؤ من قبل ولن يجرؤ من بعد لأسباب يعرفها جيدا, ولكن أن يسمح لنفسه بالتداخل والمداولة في قضايا دول خليجية ذات سيادة فهذا التصرف الأحمق لايرضاه أحد، ولمن تطاول عليهم حق الرد واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، وقد تعدى حدوده عند الحديث في قناة الجزيرة عن دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة وإبعادها لمتجاوزين عقب مشاركتهم في مظاهرات غير مسموح بها، وهذا ما دفع قائد شرطة دبي للاتجاه فعليا لإصدار مذكرة إلقاء قبض بحقه بسبب تلفظه على دولة الإمارات.
القرضاوي وقع في خطأ جديد ضمن أخطائه المتكررة واجتهاداته غير الموفقة فالإمارات دولة مستقلة ذات سيادة من حقها أن تتخذ أي إجراءات داخلية لمنع أي عبث ولا تنتظر من القرضاوي أو غيره الوصاية على شئونها أو إرشادها لكيفية إدارة الأمور.